والقول بأنّ البول في الراكد ليلاً أشد كراهةً ، لأنّه مسكن الجنّ دليله أعمّ من دعواه ، إلا على وجه بعيد. وإلحاق الخارج قبل الاستبراء مع الاشتباه به بعيد ، والدوام يتبع الابتداء تحريماً وكراهةً.
ولا يفرق في تحقّق كراهية البول بالماء بين طاهره ونجسه ، بل لو قيل بذلك مع تغيّره بالنجاسة لم يكن بعيداً. وتختلف مراتب الكراهة فيه.
ولا تعويل على ما قد يشمّ من حديث «أنّ للماء سكّانا» (١) وحديث «أنّ الملائكة لا تدخل بيتاً يبال فيه» (٢) من تخصيص الماء بالطاهر ؛ إذ لولا ذلك لجعل تنجيس الماء عند إرادة البول فيه طريقاً لدفع كراهته ، ولكان السابق بالبول أو بشيء منه يدفع الكراهة عن المتأخّر عنه ، ولو بعد اتّصال أوّل قطرة منه ، ولكانت أوّل قطرة من البول دافعةً لكراهة باقية حيث ينجّسه مجرّد الاتصال ، ولا أظنّ أحداً يتفوّه بذلك والتفرقة بعيدة ، فكراهة البول بالماء على عمومه.
ولا يستثني منه إلا ما يصير ماءً بسبب البول كالملح والثلج الذائبين بسبب البول فيهما على تأمّل في ذلك.
وربما يستثني أيضاً المياه المعدّة لتنظيف الخلوات بالجريان فيها في بعض البلدان كالشام ونحوها ، لدخوله تحت التطهير ، ولرجحان هذا الفرض على جهة الكراهة على تأمّل. وما كان في الخلاء لا عبرة به ، ويحتمل جريان الكراهة في ورود الماء على البول لغير التطهير على تأمّل في ذلك.
ومنها : البول قائماً ؛ توقّياً من البول ، وخوفاً من تلبّس الشيطان ، وعدم خروجه بعد ذلك ، ومقتضى التعليل الأوّل التخصيص بغير متلوّث البدن والثياب ، ويستثنى من ذلك المطليّ خوفاً من حدوث الفتق.
ومنها : الكلام حال التخلّي فقد نهى أن يجيب الرجل الأخر أو يكلّمه وهو على
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٤٠ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٤ ح ٣ «بتفاوت لفظيّ».
(٢) الكافي ٣ : ٣٩٣ ح ٢٦ ، ٢٧.