.................................................................................................
______________________________________________________
والظاهر أنّه لا كلام في رجحان القبول ، مع عدم المانع ، من عدم استيثاق من نفسه ، وعدم الاعتداد بحفظه كما هو.
قال في التذكرة : ولو كان قادرا على الحفظ واثقا بأمانة نفسه استحب له القبول ، لما فيه من المعونة على البرّ وقضاء حوائج الاخوان ، ولو لم يكن هناك غيره ، فالأقوى أنّه يجب عليه القبول ، لأنّه من المصالح العامّة وبالجملة فالقبول واجب على الكفاية (١).
وفي كون القبول مطلقا معاونة على البرّ تأمّل ، ثمّ في الوجوب ، فإنّه تكليف لا يخلو عن صعوبة واشكال ، كما سيجيء ، فإيجابه بمثل الدليل المذكور محل تأمّل.
وأيضا إيجاب حفظ مال شخص على آخر بلا أجرة وعوض يحتاج الى دليل قوى ، وكونه من المصالح العامّة بحيث يجب على الناس كلّهم ذلك ، غير ظاهر.
نعم قد يضطرّ الإنسان إلى الإيداع فيمكن إيجاب مثله حينئذ بأجرة ليتمّ به المعاش ، كما في سائر الأمور التي عدّت من الوجوب الكفائي ، ويشعر به كلام التذكرة ، قال مستدلا على جوازها : ولأنّ الحكمة تقتضي تسويغها ، فإنّ الحاجة قد تدعو إليها ، لاحتياج الناس الى حفظ أموالهم ، وربما تعذر ذلك عليهم بأنفسهم إمّا لخوف أو سفر أو عدم حرز ، فلو لم يشرع الاستيداع لزم الحرج المنفي بقوله تعالى (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٢).
وهو الذي أشار إليه أوّلا أيضا بقوله : لأنّه من المصالح العامّة ، ولكن في إفادته الوجوب بلا عوض دائما ، تأمّل فتأمّل.
ثمّ انّه يمكن وجود الأحكام الخمسة فيها.
الوجوب مع الضرورة وعدم المعارض.
__________________
(١) انتهى ج ٢ ص ١٩٦.
(٢) انتهى كلام التذكرة والآية الشريفة : الحج : ٧٨.