وأما العزة فهي العزة التي أعز (٦٥) بها عباده المؤمنين ، وأوليائه المتقين. فأول اعزازه لهم محبته لهم (٦٦) ورضاه عنهم ، وغفرانه ذنوبهم ، وتأييدهم وتوفيقهم ، فإذا فعل ذلك لهم (٦٧) فقد أعزهم وأيّدهم ، وأعطاهم من العزة ما لم يعط غيرهم مع ما جعل وأعطى أهل المعرفة به والدين والإخلاص له ، والعلم واليقين من أهل بيت الرسول عليهمالسلام من الكرامة والولاية ، والاستخلاف في الأرض والإمامة ، فحكم بالأمر والنهي ، والطاعة لمن كان كذلك منهم حكما ، وعزم لهم به دون غيرهم عزما ، فجعلهم خلفاء الأرض الهادين ، القائمين بقسط رب العالمين ، وأمناءه على جميع عباده المؤمنين.
يأمن في سلطان من كان على ما ذكرنا منهم المؤمنون ، ويخاف في دولتهم وقربهم الفاسقون ، خافضين لأجنحتهم ، واضعين لجبريّتهم (٦٨). أودّاهم المطيعون لله وإن بعدت أرحامهم ، وأعداؤهم المحادون له وإن قربت أنسابهم ، فهم كما قال الله سبحانه فيهم وفي من كان من أوليهم وآبائهم حين يقول : (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ) [الممتحنة : ٤] ، اتبعوا قول الله تبارك وتعالى وعملوا به حين يقول جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ
__________________
(٦٥) في (ب) : الله.
(٦٦) في (ب) : إياهم.
(٦٧) في (ب) : بهم.
(٦٨) لجبريتهم : قال في القاموس جبّار ... ، والمتكبر الذي لا يرى لأحد عليه حقا فهو بين الجبريّة ، وذكر أيضا من لغاتها الجبريّة بمعناها.