سبحانه : (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) [الملك : ٣] ، فالحمد لله الذي جبل العباد وجبرهم على ما يشاء من تركيب خلقهم ، محبوبهم من ذلك وغير محبوبهم ، ولم يجبرهم على شيء من أفعالهم صغيرها ولا كبيرها ، دقيقها ولا جليلها ، بل أمرهم ونهاهم ، وبصرهم غيّهم وهداهم ، ثم بعث إليهم النبيين فأمروهم بطاعة رب العالمين ، وحذروهم أن يكونوا له من العاصين ، وخلق للمطيعين ثوابا وللعاصين نكالا وعقابا ، ثم لم يحل بين أحد وبين طاعته ، ولم يجبر أحدا على معصيته ، بل أمر عباده تخييرا ، ونهاهم سبحانه تحذيرا ، ثم قال ذو المن والعزة والجلال ، من بعد إكمال الحجة عليهم في كل حال : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً) [الكهف : ٢٩] ، وقال تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة : ٧ ـ ٨] ، فتبارك المتقدس عن خلق أفعالهم ، المتعالي عن جبرهم على شيء من أعمالهم ، العدل في كل أفعاله ، الصادق في كل مقاله ، البري من شبه المجعولات ، المتعالي عن درك الغفلة والسنات.
والمتكبر فهو : العظيم الخبير ، الذي لا يشبهه في القدرة والعظمة كبير.
تم الجزء الأول من جزءين من كتاب المسترشد بمن الله وعونه
يتلوه الكلام في الجزء الثاني