بالشعر والكلام في كل الأسباب ، يريد أنه به عالم ، وبه في كل حال قائم ، فعلى ذلك يخرج قول الرحمن ذي الأياد ، حين يقول : (وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) يريد عالم بهم ، محيط بكل أمرهم ، مطلع على خفي سرهم.
والمعنى الآخر فهو : البصر والنظر بالعين ، والله عن ذلك بري ، وعنه متعال علي ، إذ ذلك ومن كان كذلك مشابه للمخلوقين ، وقد نفى ذلك عن نفسه رب العالمين حين يقول : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى : ١١] ، ولو كان كما يقول من كفر بكتابه وجحد بآياته ، لكان مشبها لكل ما نراه ونجده ، ونحيط به ونعلمه من المبصرين بالأعين من المربوبين ، ولو كان ذلك كما يقولون ؛ لبطل قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١] ، ولو بطل من الكتاب شيء يسير لبطل منه الجليل الكبير ، ولو بطل بعضه ، لأشبه الباطل كله ، بل هو يؤكد بعضه بعضا ، فلن يبطل منه حرف أبدا ، وكيف يبطل أو يتناقض ما أحكمه ذو الجلال والسلطان ، وحفظه من كل سوء الرحمن؟! ألا تسمع كيف يقول : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت : ٤٢] ، ويقول جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) [البروج : ٢١ ـ ٢٢] ، فكيف يتناقض أو يبطل ما حفظه الواحد الكريم ، وحاطه من كل باطل أو دنس ذميم ، ومنعه وحجره عن الشيطان الرجيم؟! كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا ، وجاروا عن قصد الحق جورا شديدا.
تم كتاب المسترشد من أوله إلى آخره وهو على التقديم والتأخير ، بحمد الله ومنه
والحمد لله أولا وآخرا وصلواته على محمد النبي وعلى أهل بيته الطاهرين.