بتلك الحلقة ، فكانت السموات والأرض لصغرهما وضيقهما في سعة الكرسي عليهما كضيق الحلقة ، وصغرهما في سعة الأرض عليها ، وكان الكرسي مشتملا على السموات والأرض كما اشتملت هذه الأرض على هذه الحلقة ، والواسع لهما بعظمهما كما وسعت الأرض هذه الحلقة الله الذي لا إله إلا هو ، وسع الأشياء كلها ، حتى أحاط بها وملأها وغمرها.
وليس ثم كرسي غير الله ، إنما هو مثل مثله الله لعباده ؛ ليستدل به على عظمته واتساعه على جميع الأشياء وإحاطته بها.
ومن الدليل على أن الله عزوجل أراد بذكر الكرسي والعرش أن يعرف عباده عظم سعته وإحاطته بالأشياء قوله عزوجل : (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) [الطلاق : ١٢] ، وقوله : (وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) [البروج : ٢٠] ، وكثير في كتاب الله مما يدل على أن الله محيط بالأشياء ، وهذا الكرسي مما يدل على إحاطة الله بجميع الأشياء واتساعه عليها ، وتفسير العرش أيضا كتفسير الكرسي سواء سواء فهذا معنى قولنا : إن العرش هو الله ، وإن الوجه هو الله ، وإن الكرسي هو الله.
معنى قوله تعالى : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [التوبة : ١٢٩] ، و (رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) [المؤمنون : ١١٦].
فإن قال قائل : ألستم تقولون : هو الله؟
قلنا له : نعم.
فإن قال : فما معنى قوله : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [التوبة : ١٢٩]؟ وقوله : (رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) [المؤمنون : ١١٦]؟
قلنا له : معنى ذلك عندنا كمعنى قوله سبحانه : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) [الصافات : ١٨٠] ، وهو العزيز بنفسه. وكذلك قلنا : إن العرش هو الملك ، وهو الملك بنفسه. ومعنى رب الملك ورب العزة أي مالك الملك ومالك العزة ، يريد صاحب