قالوا : نعم. يقال لهم : أليس قد قال الله : (ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) [الزخرف : ٢٠] ـ والخرص هو الكذب ـ فما تقولون في ذلك؟ فإن قالوا : صدق الله إنهم لكاذبون فيما ادعوا عليه ؛ تركوا قولهم ورجعوا إلى الحق وقالوا بالعدل. وإن قالوا : هم كما قالوا لو شاء الله ما عبدوا غيره ؛ فقد صدقوا قول الفاسقين ، وردوا قول رب العالمين ، ومن قال بذلك كان بالله من الكافرين ، ولعذابه من المستوجبين.
ومما يسألون عنه أن يقال لهم : خبرونا عن قول الله سبحانه : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ) [الصف : ٨] ، أفتقولون : إن الكافرين هم الذين أرادوا أن يطفئوا نور الله من دونه ، أم هو الذي أراد أن يحملهم على إطفاء نور الله؟ فإن قالوا : أراد إتمام نوره ؛ تركوا قولهم ، ورجعوا إلى الحق ، وقالوا بقول الله في ذلك. وإن قالوا : بل الله الذي أراد إطفاء نور نفسه ؛ ردوا قول الله ، وكفروا به ؛ لأن الله يقول في كتابه : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) [التوبة : ٣٢] ، والله يقول : إنهم يريدون إطفاء نور الله ، والمجبرة والقدرية تقول : بل الله يريد إطفاء نور نفسه إذ زعمت أنه يقضي على الفسقة بذلك.
ومما يسألون عنه أن يقال لهم : أخبرونا عن قول الله سبحانه : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ) [آل عمران : ٢٨] أتقولون إن فاعل ذلك فعله بغير قضاء من الله؟ فإن قالوا : نعم فعله بغير قضاء من الله ، وإن فعله ليس من الله في شيء ؛ دخلوا في قول المعدلين ، وقالوا بالحق في رب العالمين. وإن قالوا : فعل ذلك من الله ، وإنه ليس بمعدول عنه ، وإنه بقضاء منه ؛ فقد ردوا على الله قوله ، وخسروا خسرانا مبينا ، إذ قالوا : هو من الله ، والله يقول : ليس هو منه.
ومما يسألون عنه أن يقال لهم : خبرونا عن قول الله سبحانه : (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) [الفتح : ٢٥] أتقولون إنهم صدوهم عن المسجد الحرام كما قال الله ، أم الله صدهم وقضى بذلك عليهم؟ فإن قالوا : الله الذي صدهم ؛ ردوا قول الله ، وخالفوا تنزيله. وإن قالوا : بل المشركون صدوهم عن المسجد الحرام ، والله تبارك وتعالى بريء من فعلهم ، ولم يقض به عليهم ؛ خرجوا من قولهم ، ودخلوا في قول المحقين.
ومما يسألون عنه أن يقال لهم : خبرونا عن قول الله سبحانه : (أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ