ذلك وقضى به ؛ ردوا كتاب الله وكفروا به. وإن قالوا : لم يجعله ولم يقض به ؛ تركوا قولهم ، وخرجوا من الظلم (١٦٣) إلى الحق.
ويقال لهم : أليس الله (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) كما قال وذكر أنه أهلهما؟ فإن قالوا : نعم. قيل لهم : فهل يجوز أن يكون الظلم والمعصية من الله كما كانت التقوى والمغفرة منه؟ فإن قالوا : نعم ؛ كفروا وخالفوا الكتاب ، ونسبوا إلى الله غير الصواب. وإن قالوا : لا يكون الظلم والمعصية من الله ؛ تركوا قول المبطلين ، ورجعوا إلى قول المحقين.
ومما يسألون عنه أن يقال لهم : أخبرونا عن قول الله سبحانه : (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) [الإنسان : ٢٩] ، وعن قوله : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها) [الكهف : ٢٩] ، أمن شاء أن يفعل خيرا فعله ، أم ليس هو عندكم كما قال الله؟ فإن قالوا : ليس هو كما قال الله ؛ كفروا. وإن قالوا : هو كما قال الله رجعوا إلى الحق ، وقالوا على الله بالصدق ، وأقروا أن العباد ممكنون من العمل ، وأنهم يفعلون ما شاءوا بما جعل الله فيهم من الاستطاعة التي ركبها فيهم؟ فإن قالوا : ليس هو كذلك ردوا كتاب الله وكذبوه ، ومن فعل ذلك فقد كفر.
ومما يسألون عنه من محكم كتاب الله أن يقال لهم : خبرونا عن قول الله سبحانه : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) [الأنعام : ١٤٨] ، أفتقولون : إنهم صدقوا في قولهم إن الله لم يشأ إيمانهم؟ فإن قالوا : صدقوا ؛ كذّبوا الله في قوله ، وكفروا بالله. وإن قالوا : لا ، بل كذبوا على الله في قوله ، وقد شاء منهم الإيمان ودعاهم إليه ، ولم يشاء منهم الشرك ؛ رجعوا عن قولهم ، وصاروا إلى القول بالحق.
ومما يسألون عنه قول الله سبحانه : (وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ) [الزخرف : ٢٠] ، فيقال لهم : أليس قد أخبر سبحانه أن قوما قالوا لو شاء الرحمن ما عبدنا غيره؟ فإذا
__________________
(١٦٣) في (ب) : من الباطل.