عن أن يحويه قول أو يناله : (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) [المجادلة : ١٠] ـ يريد : إلّا بتخلية الله ، والتخلية هاهنا فهي ما جعل الله في الشيطان من الاستطاعة التي أمره أن يطيعه بها ويرضيه ، فنهاه عن الوسوسة للعباد ، والمقاربة لهم ـ أفيقولون : إن النجوى من الشيطان كما قال الرحمن؟ أم يقولون إنها من الرحمن ، ويبرءون فيها عدو الله الشيطان؟
فإن قالوا : بل نقول إنها من الشيطان ـ كما قال الله وقوله الحق ـ لا من الله ؛ صدقوا وخرجوا بذلك من الجبر ، والظلم لله والكفر به والعدوان. وإن قالوا : بل نقول إن كل ما جاء من نجوى للكافرين وتناجيهم بالإثم والعدوان ، والتراضي بالعدوان ، والمحاربة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قضاء من الله قضى به عليهم في نبيه ، وأدخلهم فيه ، وأنه من الله لا من الشيطان ، كفروا بالله وأكذبوا قوله ، وخرجوا بذلك من دين محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ورجعوا وتعلقوا بدين الجاهلية الأولى ، وقولهم الذي أنكره الله عليهم وأكذبهم فيه.
ومما يسألون عنه أن يقال لهم : خبرونا عن قول الله سبحانه : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء : ٨٢] ، أفتقولون إن ما كان من قول الجاهلية من قولهم : (إن القرآن الذي جاء به صلىاللهعليهوآلهوسلم ليس من الله بل هو من عند نفسه ، وأنه يكهنه (١٦٥) ويكذبه على الله) هو كما قالوا ، وإن الله قضى بذلك القول عليهم في نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنطقهم به عليه ، وإنهم لم يقولوا ذلك إلا بقضاء الله عليهم به؟ فإن قالوا : نعم نقول بذلك ونزعمه ؛ ردوا الكذب على الله بإكذاب نبيئه ، وزعموا أن الله أكذب نبيئه لا قريش ، وفي ذلك الكفر بالله والشرك به. وإن قالوا : بل هو من عندهم لا من عند الله رجعوا إلى الحق ، وقالوا له ولرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالصدق ، وصاروا من أهل القرآن.
ومما يسألون عنه أن يقال لهم : خبرونا عن قول الرحمن ، فيما نزل من النور والفرقان :
__________________
(١٦٥) في (ب) : يكتبه.