أمروا به من التقوى ؛ قالوا بالحق ، وتعلقوا بالصدق ، وشهدوا لله بما شهد لنفسه ، وفي ذلك ما يقول الرحمن الرحيم : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد : ١١] ، ويقول سبحانه : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) [الأنفال : ٥٣].
وممّا يسألون عنه من قول الله سبحانه مما يبطل ما في أيديهم قوله سبحانه : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) [البقرة : ٧٩] ، فأخبر سبحانه أنهم مختارون لكتاب ما كتبه المشترون ، المكتسبون لفعل ما فعلوا ، وأوعدهم على ذلك وأخبرهم أنهم من أهل النار والويل إذا فعلوا ما لم يرد الله ولم يشاء. وقالت القدرية : إن الله أدخلهم فيما عنه نهاهم ، وإن ذلك الكتاب منه ، ولو لا أنه قضى به عليهم ، وجعله فيهم لم يفعلوه ولم يكتبوه. فأكذبوا قول الرحمن ، وصدقوا قول الشيطان ، وزعموا أنهم أعلم بأمر الكاذبين المجرمين من رب العالمين ، وادعوا أن قولهم الصدق ، وزعموا بذلك أن قول ربهم باطل ، وأنه ادعى عليهم ما لم يفعلوا ، ورماهم بما لم يكسبوا ، وأنه فعل ذلك بهم ، وذكره عنهم ، ورده عليهم ، كأن لم يسمعوا قول الله سبحانه وذمه لمن كان كذلك أو قارب شيئا من ذلك ، حين يقول : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) [النساء : ١١٢].
وممّا يسألون عنه : قول الرحمن الرحيم ، الواحد الكريم : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) [الذاريات : ٥٦ ـ ٥٧] ، فأخبر سبحانه أنه خلقهم لعبادته وطاعته ، ومن أطاعه أدخله الجنة. وزعمت القدرية أنه خلق الخلق من الجن والإنس ليعبدوا غيره وليطيعوه ، وأنه خلق الكافر كافرا في بطن أمه ، والله يقول غير ذلك ، ويكذبهم في قولهم ، ويرد عليهم في كذبهم بقوله : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات : ٥٦].
وممّا يسألون عنه قول الله سبحانه : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ