يروّقه البعض من أن الدوافع للوحدة تساهل الناس في دينهم ، وإهمالهم لبعض عقائدهم ، لأن الاعتصام يجب أن يكون بحبل الله ، وهم والقرآن حبل الله ، وهم تراجمة كتابه ، فيجب على كل دعاة الوحدة الإسلامية الدعوة إلى الالتفاف حول كتاب الله وحول تراجمته ، ليكون التوحد على الحق ، وعلى ما أراد الله.
ولو أننا نظرنا في تاريخهم وسيرهم بغض النظر عن ما جاء فيهم ، لكان ذلك كافيا لنا في أنهم أهل الدين وحرّاسه ، وعموده وأساسه ، وأن من أراد الحق كان تابعا لهم صلوات الله عليهم ، وأن من جانبهم أو عاداهم ما جانبهم ولا عاداهم إلا اتباعا لهواه ، طاعة لحقد دفين عليهم ، أو حسدا في صدره عليهم (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) [النساء : ٥٤].
وبهذا يظهر لك عدم صحة ما يتقوله من ينسبهم إلى المعتزلة ، مع أن المعتزلة يفتخرون بانتسابهم إليهم ، ويسندون مذهبهم إلى علي عليهالسلام ، وهؤلاء المتقولون ليس لهم دليل ولا ما يشبهه على نسبة مذهب أهل البيت عليهمالسلام إلى المعتزلة إلا توافقهم في العدل والتوحيد.
ويكفي في الرد عليهم تصريح المعتزلة بإسنادهم لمذهبهم إلى علي عليهالسلام ، وأيضا السلسلة التي ذكرناها من أهل البيت متصلة إلى علي عليهالسلام ، يأخذ كل عالم من عالم أو علماء من أهله ، لم تحصل فترة انقطاع حتى يأخذوا فيها عن غير أهلهم.
يقول الإمام أبو طالب عليهالسلام في كتابه (الدعامة) ـ الذي طبعه الدكتور ناجي حسن تحت عنوان الزيدية للصاحب بن عبّاد وهو للإمام أبي طالب عليهالسلام ـ ص (٢٤٢) الطبعة الأولى (١٩٨٦ م) ، طبع (الدار العربية للموسوعات) في الاستدلال على إمامة الإمام زيد عليهالسلام ما لفظه :
«فمنها [أي من خصال الإمامة فيه عليهالسلام] اختصاصه عليهالسلام بعلم الكلام ، الذي هو أجلّ العلوم وطريق النجاة ، والعلم الذي لا ينتفع بسائر العلوم إلا معه ، والتقدم فيه والاشتهار عند الخاص والعام. هذا أبو عثمان الجاحظ يصفه في صنعة الكلام ويفتخر به ، ويشهد له بنهاية التقدم فيه ، وجعفر بن حرب يصفه في كتاب الديانة ، وكثير من معتزلة بغداد كمحمد بن عبد الله الإسكافي ، وغيره ينتسبون إليه في كتبهم ويقولون : نحن