يعلم أنه المانع له من السجود ، فتبارك الله عن ذلك الواحد المعبود.
ألا ترى كيف تبرأ من أفعالهم ، ويأمر بالمجاهدة لهم على اليسير من أعمالهم ، ولو كان المتولي لذلك فيهم لما عابه سبحانه منهم ، ولما حض عباده على تغيير ما أحدث فيهم عليهم ، ألا تسمع كيف يقول : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الحجرات : ٩] ، فقال : (اقْتَتَلُوا) ، فألزمهم الفعل ، وقال : (فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) ، فأوجب على غيرهم من المؤمنين نصر المظلومين (على الظالمين) (٢٢٨) ، فلو كان على قول الجاهلين ، لكان قد ألزم المؤمنين قتال من لا يجب قتاله ، ومن تجب ولايته ، إذ أجاب الله في دعوته ، وجرى له في طاعته ، وبغى على من أمره بالبغي عليه ، ولو كان الله المحدث البغي في الفاعل له ، لكان قد أمر عباده بقتاله حصرا (٢٢٩) فيه دون غيره حتى يفيء هو ويرجع عن إرادته ومشيئته ، ولكان أيضا قتال عباده قتاله دونهم ، فكان مقاتلا نفسه على فعله ، إذ كان فعل المقاتل والمقاتل له فعلا واحدا ، فتبارك الله المتقدس عن ظلم العباد ، المتعال عن اتخاذ الصواحب والأولاد ، كما قال سبحانه : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).
والحمد لله الحميد على ما خصنا به من التوحيد ، ودلنا به من الدلالات فيما أبان من خلق الأرضين والسماوات وغيرهما من الآيات.
تم الجواب
__________________
(٢٢٨) سقط من (أ ، ج).
(٢٢٩) في (ب) : خصوصه في.