من خلقه؟
فإن قالوا : الله ؛ فقد انتقض قولهم ، وذلك لأن الكلام يكون فيه الصدق والكذب والتوحيد والإشراك ، وأعظم الكذب الشرك بالله والتكذيب والافتراء عليه ؛ وإن أنكروا أن يكون الله خلق المنطق والكلام فذلك الكفر والشرك بالله والتكذيب بما جاء به من عنده ، فقل : خبرونا عن قول الله إذ قال في كتابه : (وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [فصلت : ٢١].
تمت مسألته
جوابها :
وأما ما سأل عنه مما ضل فيه ونسبه إلى الله وقال به من المنكر عليه ، فقال : خبرونا عن الناس من أنطقهم؟ وعن الكلام من خلقه؟
فنقول : إن الله أنطقهم كما هداهم ، وهداهم كما بصرهم ، وبصرهم كما أسمعهم ، وأسمعهم كما مشاهم ، وأمشاهم كما أبطشهم ، وأبطشهم كما أقامهم ، وأقامهم كما أقعدهم ، وأقعدهم كما أشمهم ، وأشمهم كما أنكحهم ، فلم يكن منه في ذلك كله فعل غير خلق الأداة (٢٤٥) ؛ خلق الرجل للمشي فمشى ، وخلق الأذن للسمع فسمع ، وخلق الأنف للشم فشم ، وخلق العين للنظر فنظر ، وخلق الفرج للنكاح فنكح ، فما ناله الإنسان من تلك الأدوات (٢٤٦) فهو من فعله ، وليس من فعل الله فعل عبده ؛ الله خلق الفرج امتنانا عليه به لينال به من الشهوة ما نال ، وفعل العبد فهو النكاح. فهل يرى الحسن بن محمد ـ الوسن (٢٤٧) الجاهل ـ بقول غير ذلك ، أو يقدر على نقض حرف مما شرحنا أو به قلنا
__________________
(٢٤٥) في (ب) : الأدوات.
(٢٤٦) في (أ) : الأداة.
(٢٤٧) في النسخة (أ) : رسم الكلمة هكذا : الوسر ، والوش ، من معانيها : الغافل.