فقد زعمتم أن الله جاء بالظلم والعدوان ، وأدخل العبد في العصيان. فإن كان ذلك عندكم كذلك فعلام يعذب الله الإنسان (إذ كان) (٢٦٥) في قولكم الله جمعهما على العصيان (٢٦٦) والظلم والبهتان.
ويسألون فيقال : ألستم تزعمون أنه لن تخرج نفس من أحد ، من حر ولا عبد ، حتى يأتي أجله ويستوفي أمله وكل عمله؟ وذلك من الله زعمتم. فما تقولون في رجل ضرب السكين ضربة واحدة في نحر عبد مسكين ، فمات وأنتم تنظرون ، فما الذي أوجب الله عليكم من الشهادة؟ أتشهدون أنه قتله؟ أم (تقولون : بل نشهد (٢٦٧) أنه وجأه (٢٦٨) وجرحه ، ولا ندري من قتله؟ أم تقولون : إن ربه الذي أتلفه ؛ لأنه جاء بأجله ، ولو لم يأت أجله لدامت حياته ، وطال عمره ، ولم يكن الجرح ليرزأه؟ فهكذا تقولون؟ أم عليه بتا بالقتل تشهدون؟ فإن شهدتهم بالقتل أصبتم ؛ وإن قلتم غير ذلك أحلتم. وما ذا تحكمون على هذا الذي رأيتموه وجأ نحر المقتول ، وفهمتموه وقامت عليه بذلك شهود ، وكلهم عند الإمام عدل محمود ، أترون وتحكمون بقتله كما قتل؟ كما قال الله سبحانه : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) [المائدة : ٤٥] ، أم تجرحونه جرحا مثله؟ فإن مات فذاك ، وإن سلم تركتموه لعلمكم أن الذي قتل الأول هو مجيء أجله وفناء أيامه ، وانقضاء أمله (٢٦٩) ، وتحلون عن هذا لما له من تأخير الأجل وطول الرزق والأمل ؛ لقد أبطلتم إذا حكم ربكم ، وفضحتم أنفسكم لأهل ملتكم.
ويسألون ، أيضا ، عمن قتل نفسه بيده ، أقتلها وهي حية في بقية من أجلها؟ أم ميتة قد انقضى أجلها؟ فإن قالوا : قتلها وهي حية في أجلها ، فقد أقروا أنه كانت له بقية فقطعها
__________________
(٢٦٥) سقطت من (ب).
(٢٦٦) غير موجودة في (ب).
(٢٦٧) في (أ) : أم تشهدون.
(٢٦٨) وجأه باليد والسكين : ضربه ، تمت من القاموس.
(٢٦٩) سقطت من (ب).