له طاعة ، ومعصيته له معصية ، فقال : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) [النساء : ٨] ، وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) [النساء : ٥٩] ، وقال سبحانه : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [الحشر : ٧] ، وقال : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) [الفتح : ١٧]. فلما أن رأت قريش هذه الكرامات البينات النيرات التي لا يقدرون على دفعها ولا يأتون أبدا بمثلها ، اشتد لذلك حسدها لرسول رب العالمين ، وعهدوا عليه وعلى من تبعه من المؤمنين ؛ فمنعه الله منهم ، ورد حسدهم وبغيهم في نحورهم ، فنصبوا له المحاربة وطالبوه أشد المطالبة ، فردهم الله بغيظهم ، كما قال سبحانه : (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً) [الأحزاب : ٢٥] ، وذلك حين تحزبت قريش والعرب وطلبوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غاية الطلب ، فكفاه الله في ذلك اليوم والمسلمين القتال بأخيه ووصيه علي بن أبي طالب أفضل المستشهدين ، فقتل عمرو بن عبد ود اللعين ، وكان عماد المشركين ، وفارس المتحزبين ، فانهزم بقتله جميع الكافرين ، وفل الله حد المبطلين ، وأظهر دعوة المحقين ، ونصر رسوله خاتم النبيين ، وكبت أعداءه المحادين ، قال سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ) [المجادلة : ٥] ، فلما أن أذلهم وهزمهم ، وكبتهم كما كبت الذين من قبلهم ، تدارك الكبت في قلوبهم وترادفت الحسرات في صدورهم ومرضت لذلك وبه منهم القلوب ، وأحاطت به منهم الذنوب ، فهم في كل يوم يرون من نصر الله لنبيه ، ويسمعون عنه ما يزيدهم حسدا ، ويحدث لهم في قلوبهم مرضا ، حتى صدق الله رسوله الرؤيا بالحق التي كانت في غزوة الحديبية ، أراه وأكمل له من دخول مكة آمنا لا يخاف رصادا ، فنزل بالمشركين من ذلك ما كانوا يخافون ، وحقق الله لرسوله ما كانوا يحذرون ومن بغى عليه لينصرنه الله إن الله لقوي عزيز.
وأما ما سأل عنه من قول الله سبحانه : (وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ) ، فقد يمكن أن الله سبحانه لما أن كذبوه وأخلفوه خذلهم ، ومن الإرشاد والتوفيق تركهم ، فتكمهوا في