المحسنين.
وقد تكون تلك المودة هي ما في الإيمان من البركة واليمن ، وما جعل الله بين المؤمنين من المحبة وافترض عليهم من التواد على الدين وحكم به من الإخوة بين المؤمنين حيث يقول : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الحجرات : ١٠] ، فكان كل من دخل فيما أمر بالدخول فيه من الإيمان إذا دخل وإلى الله سبحانه أقبل سدده الله سبحانه ووفقه وحببه إليه من بعد إقباله إليه ، وبغض إليه الكفر كما قال الرحمن : (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) [الحجرات : ٧] ، فكان كل من دخل في الإسلام من جميع الأنام أخرجته بركة الإيمان من الحق والدغل والحسد حتى يعود إلى المؤاخاة على الحق ، والقول في ذلك على الله بالصدق ، فهذا ما لا ينكره ذو عقل وتمييز. ألا تسمع كيف حكى الله عزوجل لك عنهم ، وذكر لك قولهم ، حين كانوا يدخلون في الدين ، ويتابعون المسلمين على اليقين ، حين يقول : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) [الحشر : ١٠] ، فلما أن دخلوا في الإيمان صاروا عليه وفيه نعم الإخوان ، متحابين متواصلين متواخين ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، فكانوا كما قال الله جل جلاله : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج : ٤١].
وأما ما نسب الحسن بن محمد إلى الله جل ثناؤه من فاحش المقال ، فزعم أن الله جعل عبدة الطاغوت للطاغوت عابدين ، وفيما أسخطه من ذلك أدخلهم مجبورين ، واحتج بما لم يعلم معناه من تفسير القرآن ومنزل الفرقان الذي لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ، فقال : قال الله في ذلك : (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) ، فقال الحسن بن محمد : الا ترى أنه قد جعل منهم القردة والخنازير ومن