تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة : ٢٢] ، ففي كل ذلك يأمر المحقين بمخالفة المبطلين ، وبالبراءة والعداوة للفاسقين الناكثين ، وبالتحاب والتواصل والتبار والتواخي على الدين ، ومن ذلك ما يقول جل جلاله أكرم الأكرمين : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الحجرات : ١٠]. وقد قيل في قوله : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) إنه مردود على ما ذكر من الرحمة ، وكل ذلك والحمد لله فجائز أن يقال به على ذي الجلال والقدرة ، لا ما يقول الضالون : إن الله عزوجل خلقهم للضلال والاختلاف ، وركب فيهم العداوة وقلة الائتلاف. وكيف يكون ذلك والله يأمر بقتال من بغى وظلم وتجاهل وأساء حتى يفيء إلى البر والتقوى ، وذلك قوله تبارك وتعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الحجرات : ٩] ، ففي هذا والحمد لله من الدلالة على ما قلنا ما أجزى وكفى.
تم جواب مسألته
المسألة الثامنة والعشرون : معنى قوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً)
ثم أتبع ذلك الحسن بن محمد المسألة عن قول الله سبحانه : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً) ، فقال : خبرونا عن قول الله : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) ، ثم استثنى أيضا فقال : (إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) [المعارج : ١٩] ، فيقال لهم : ألا ترون أن الله عزوجل قد صنفهم صنفين ، فمنهم من خلقه هلوعا جزوعا ، ومنهم من لم يخلقه كذلك ، فأخبرونا : هل يستطيع هذا الذي خلقه هلوعا جزوعا منوعا أن يكون على غير ما خلقه الله عليه؟ فإن قالوا : نعم ؛ فقد زعموا أن الناس يقدرون على أن يبدلوا خلق الله الذي خلقهم عليه ، وإن قالوا : لا ؛ كان ذلك نقضا لقولهم.
تمت مسألته