جوابها :
وأما ما سأل عنه من قول الله عزوجل في موسى : (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) ، فقال : هل كان يستطيع فرعون أن يقتل موسى حتى لا يرده إلى أمه ولا يجعله من المرسلين؟ فقال : إن الله أخرج فرعون من أكبر المعاصي بعد الشرك به من قتله نبيه إخراجا ، ومنعه من معصيته منعا ، وقسره على الخروج قسرا. ولو جاز أن يخرج عدوه من معاصيه قسرا ، لكان قد أدخله في ضدها من الطاعة جبرا ، ولو كان يخرج العاصين من معاصي رب العالمين لكان عباده المؤمنون أولى بذلك ، ولو أخرج عباده ومنعهم من معاصيه قسرا لأدخلهم في طاعته جبرا ، ولو فعل ذلك بهم لسقط معنى الأمر والنهي ، ولكان العامل دونهم ، الفاعل لأفعالهم ، تعالى الله عن ذلك ؛ ولم يطع سبحانه مكرها ، ولم يعص جل جلاله مغلوبا ، بل نقول في ذلك بالحق إن شاء الله.
فنقول : إن الله لما أن علم أنه إذ ألقى على موسى صلى الله عليه من المحبة التي ذكر أنه ألقاها عليه في قوله : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) [طه : ٣٩] ، فلما ألقى عليه المحبة أحبته لذلك امرأة فرعون ، فسألت فرعون تركه عند ما همّ به من قتله حين تبين له ما كان من فعله في صغره ، فتركه لها ، وصفح عنه بحب محبتها واتباع شأوها ، فكان ذلك نجاة لموسى مما هم به فيه فرعون الكافر الملعون ، فلما أن علم الله سبحانه أن ذلك سيكون من اختيار فرعون ، وأنه سيختار إجابة امرأته إلى ما طلبت من ترك قتل نبي الله ، حكم عليه بما علم من صيور أمره ، فكان ما ألقى عليه من المحبة منه سبحانه سببا لنجاته ، فنجاه الله من فرعون ورده إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن. فأخبر الله في ذلك ، ووعدها ما وعدها ، لعلمه بما سيكون من امرأة فرعون وطلبها في موسى ، وإجابة فرعون لها كما أخبر عما يكون يوم الدين ، فهذا معنى ما ذكر الله من ذلك إن شاء الله ، لا ما قاله الفاسقون ، وذهب إليه الضالون.
تم جواب مسألته