الشجرة وما أوجد الله سبحانه فيها من الثمرة قياس الناقة والامرأة ؛ الله سبحانه خلق الأولاد فيهما ، وهما ولدتا ، قال الله سبحانه في امرأة عمران وفيما نذرت مما في بطنها للرحمن حين يقول : (فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى) [آل عمران : ٣٦] ، فقال : (وَضَعَتْها) ، فنسب الولد ، وما كان من تخليصها وتسليمها في وضعها لها إليها ، والله سبحانه الذي جعلها في بطنها ، وأخرجها بقدرته منها ، ولو لا إخراجه لها وتخليصه إياها إذا لم تخلصها أبدا أمها. قال الله عزوجل في ذلك : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) [الروم : ١٩] ، فلا يشك أنه المخرج والمخلص للولد من الظلمات الثلاث من : المشيمة ، والرحم ، والبطن ، قال الله سبحانه : (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) [الزمر : ٦]. وقال جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) [العنكبوت : ٨] ، فنسب إليهما ولادتهما إياه ، إذ كان الخارج منهما والمصور فيهما ، والله سبحانه المصور له والمقدر تصويره وخلقه. فكذلك نسب إلى الشجرة إيتاء أكلها ، وهو الخالق لها ولثمرها.
فأما قياس أفعال العباد التي نهوا عنها ، وأمروا بها ، وعوقبوا عليها ، وأثيبوا بها ، فليس هذا قياسها ، وسنأتي به ونذكر إن شاء الله ما هو مثلها. فنقول لمن قال : إن الله سبحانه خلق أفعال العباد وركبها فيهم ، وأنطقهم وقضى بها عليهم ، ثم نسبها إليهم : ما تقول إذا قلت ذلك ، وكان الأمر عندك كذلك ، في مشرك أشرك بالله وجحده؟ وفي قتل من قتل الأنبياء بغير حق؟ الذين قال الله فيهم : (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ) [آل عمران : ٢١] ، آلله فعل ذلك بهم كما فعل غيره من أفعالهم؟ فإن قالوا : نعم ، الله فعله وخلقه وقضاه وركبه ، فقد زعموا أن الله عزوجل كفر بنفسه ، وأمر بالشرك به ، وقتل أنبياءه ؛ وهذا فأكفر الكفر ، وأجهل الجهل بالرحمن عزوجل ، عند كل من عرف الحق وكان ذا إيمان. وإن قال : لا ؛ رجع عن قوله ، (وتاب إلى ربه. وإن قال : فعل الطاعة