مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً) [هود : ١٧] ، فلما قال الله ويتلوه شاهد منه صدق قول الله سبحانه قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم «علي مني بمنزلة هارون من موسى.» ، لقول الله (شاهِدٌ مِنْهُ) ، فلما قال رسول الله عليهالسلام «علي مني» ، وقال الله (شاهِدٌ مِنْهُ) ، كان رسول الله من علي وعلي منه ، بقول الله وبقول رسوله عليهالسلام ، كرهنا أو أحببنا ، شئنا ذلك أو أبينا ، لا ننظر في ذلك إلى قول محب مريد ، ولا نلتفت إلى قول مبغض مكابر عنيد ، ولا نأخذ في ذلك بتصديق محب ، ولا ننظر أيضا في تكذيب مبغض ؛ لأن الله سبحانه قد حكم في ذلك بما حكم ، واختار سبحانه ما اختاره ، فقال تبارك وتعالى في كتابه المنزل على نبيئه المرسل : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) [القصص : ٦٨] ، ثم قال : (سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [القصص : ٦٨] فحكم الله على من اختار سوى خيرته بالشرك ؛ لقوله عزوجل : (سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [القصص : ٦٨] ، فنسمع الله قد اختار عليا بعد محمد لقول الله (شاهِدٌ مِنْهُ) ، ولقول الرسول : «علي مني» ، وذلك لعلم الله تبارك وتعالى في عليّ ؛ لأن عليا سبق الخلق إلى الله وإلى رسوله ، لا يشك في ذلك عاقل ، ولا ينازع فيه إلا (٤٣٥) جاهل ، لأن الله سبحانه يقول : (السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) [الواقعة : ١٠] ، فلما شهد الله تبارك وتعالى للسابق بالجنة ، أجمع الخلق أن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أسبق الخلق إلى الله وإلى رسوله ، فشهدنا لعلي بن أبي طالب بما شهد الله له به ورسوله ، لا باختيارنا بل من أصل آذاننا (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي
__________________
(٤٣٥) سقط لفظ (إلا) من (ب) و (ج).