المؤدب ، والإبلاغ منه بما ترى فيه من الصلاح له.
والوجه الرابع : فهو اللمم الذي ذكر الله ، وهو فعل لا يجب فيه الحد لله ولا لرسوله ، ولا للأئمة أدب. واللمم : فهو ما ألم به صاحبه من غير تعمد ولا اعتقاد ، ولا هم ولا عزم ، بمثل النظر عن غير تعمد ، والمزاحمة للمرأة عن غير قصد ، وما أشبه ذلك مما لم يتقدم له ذكر في ذلك على فاعله ، ولم يقصد به اجتراء على خالقه ، ولا تعمدا لإتيان معصية ، ولا استحلال محرمة ، فهذا معنى اللمم الذي ذكر الله سبحانه.
ومن الحجة على من زعم أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فرع من ذاته شيئا من الفرائض المحكمات ، أو شرع من ذاته شيئا من الأحكام المشروعات ، أن يقال له : برنا عن فعل الله هل هو فعل نبيه ، وعن فعل نبيه هل هو فعله؟ فمن أصل قوله إذا كان موحدا وبالله إذا كان عارفا أن يقول : لا. ثم يقول : فعل الله خلاف فعل محمد ، وفعل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم خلاف فعل الله عزوجل.
فيقال له حينئذ : ألا ترى أن هذا الذي ذكرت أن محمدا فرعه وشرعه وفصله ، وأمر العباد بفعله ، هو فعل لمحمد؟
فإذا قال : نعم ، قيل له : أفليس فعل محمد خلاف فعل الله؟
فإذا قال نعم ، قيل له : فمحمد إذا هو المفترض للفرائض على الأمة دون الله ، إذ كان فعل محمد خلاف فعل الله ، ومحمد إذا لو كان ذلك كذلك كان المعبود بأداء فرائضه دون الله ، إذ الفرض من محمد لا من الله.
فلا يجد بدا ، إن كان عارفا وله موحدا ، من أن يرد جميع ما تعبد به الأمة إلى الله عزوجل ، ويزعم ويقول ويعتقد أنه من الله ، حتى يصح له القول بأن المسلمين عبدوا الله لا غيره ، ويثبت الفعل في فرض المفروضات لله لا لغير الله ، لأن العبادة من العابدين لم تصح إلا بأداء الفرائض لمن افترضها ، فمن ثبتت له الشرائع والتفريع والتبيين ثبت له الفرائض ، ومن ثبت له الافتراض للمفروضات ثبتت له العبادة في كل الحالات من العابدين وهم المؤدون للفرائض المحكمة ، والشرائع المثبتة التي لا تصح لهم عبادة إلا بأدائها ، ولا ديانة إلا بإقامتها ، فهذه حجة على من عرف الله بالغة كاملة بينة نيرة تبين لمن أفكر فيها ، وتصح لمن تدبر معانيها ، والحمد لله رب العالمين وسلام على المرسلين.