الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) [التوبة : ٦٧]. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلا ينال إلا بالإقدام والتصميم ، والنية والاعتزام الكريم على الجهاد في سبيل الله ، وتوطين الأنفس على ملاقاة أهل الظلم والطغيان ، فحينئذ ينال ذلك ، ويؤدي فرض الله من كان كذلك ، وهو الجهاد في سبيله وفي ذلك ما يقول في واضح التنزيل : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) [النساء : ٩٥ ـ ٩٦] وقال الله تبارك وتعالى : (نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [الصف : ١٠ ـ ١٣] ويقول : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت : ٦٩] ولفضل الجهاد ما أمر الله نبيئه بالتحريض عليه للعباد حين يقول : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) [الأنفال : ٦٥] ، ويقول تبارك وتعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [آل عمران : ١٧٠].
وما ذكر الله من تفضيل الجهاد فأكثر من أن يحيط به كتاب ، وهو معروف عند من رزق فهمه من ذوي الألباب. وكيف لا يكون الجهاد في سبيل الله فضل (٥٠٠) على جميع أعمال المؤمنين ، وبه يحيا الكتاب المنير ، ويطاع اللطيف الخبير ، وتقوم الأحكام ، ويعز الإسلام ، ويأمن الأنام ، وينصر المظلوم ، ويتنفس المهموم ، وتنفى الفاحشات ، ويعلو الحق والمحقون ، ويخمل الباطل والمبطلون ، ويعز أهل التقوى ، ويذل أهل الردى ، وتشبع البطون الجائعة ، وتكسى الظهور العارية ، وتقضى غرامات الغارمين ، وينهج سبيل المتقين ، وينكح الأعزاب ، ويقتدى بالكتاب ، وترد الأموال إلى أهلها ، وتفرق فيما جعل الله من وجوهها ،
__________________
(٥٠٠) في (ب) : وكيف لا يكون للجهاد في سبيل الله فضل؟