البحرين ، ومن جزية ذمتها ومن صواف (٥٣٣) كثيرة كانت بها ، فقسم الثمانين ألفا في مجلسه على جلسائه ، يعطيهم غرفا غرفا ، وكفا كفا ، حتى لم يبق من ذلك شيء ، وذلك أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم علم أن ذلك أصلح للإسلام في ذلك الوقت من القسم على السهام الثمانية.
وكذلك فعل في غنائم حنين ، وهب للمؤلفة من خمسين بعيرا ، إلى مائة بعير ، إلى مائتين إلى ثلاثمائة ، وحرم المهاجرين والأنصار في ذلك الوقت ، حتى تكلم من تكلم من الأنصار ، فكان منه من الفعل ما قد بلغك ، وذلك فلم يفعله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا للصلاح الذي رآه ، فأمضى رأيه في الغنائم ، ولم يقسمها على أهلها نظرا منه عليهالسلام للمسلمين والإسلام.
وكذلك كان فعلنا في العشر نقسم مرة ، ونتركه مرة ، نتحرى في ذلك الإصلاح للإسلام إذا رأيناه وبان لنا وعرفناه ، وإذا استغنى الإسلام والمسلمون ، وقلت حاجتنا إلى هذه الأعشار قسمناها على أصنافها ، أو من وجدنا منهم ، وإذا احتاج المسلمون والإسلام إليها آثرناهم بها على أهلها نظرا منا لهم ، ومعرفة بأن ذلك أرجع في كل الأمور عليهم.
وذلك أن الدار لا تصلح إلا بالجيوش والأنصار ، والخيل والرجال ، ولا تقوم ولا تجتمع إلا بالأموال ، فنظرنا فإذا بالبلد الذي نحن فيه ليس فيه شيء غير هذه الأعشار ، وإن نحن ـ عند حاجة المهاجرين والأنصار إلى القوت ، وما به ندفع الهلكة والموت ، من دفع هذه الأعشار التافهة إليهم ، وردها دون الاصناف عليهم ـ دفعناها إلى المساكين وغيرهم من الأصناف المذكورين هلكت الجنود المجندة ، وتبددت الجماعة المجتمعة ، وافترق المهاجرون ، وذل المسلمون ، ووقعت البلية وعظمت المصيبة ، وشملت الفتنة ، ولم تضبط البلاد ، ولم يصلح أحد من العباد ، وعلا الظالمون ، وخمل المؤمنون ، وبطل الجهاد ، وخربت البلاد ، وشمل البلاء ، وذل الأمر والرجاء ، فهلك في ذلك الضعفاء ، وشح الأغنياء ، ومات الفقراء ووقع الضياع ، وكثر الجياع. وعلمنا أنا إن آثرنا بها من به قوام الدار من أهل الإسلام من
__________________
(٥٣٣) الأملاك والأراضي التي أجلا عنها أهلها. تمت نهاية من هامش (أ).