يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [المائدة : ٩٣] ، فلم يجعل الله سبحانه على المؤمنين حرجا في شيء مما رزقهم ، إذا أخذوه على ما جعل لهم وأمرهم به ؛ فساروا فيه بطاعة الله ، ولم يتعدوا إلى شيء مما يسخط الله ؛ لأن الله عزوجل ـ أيها السائل ـ لم يجعل ما في هذه الدنيا من خيرها ومراكبها التي خلقها لشرار أهلها ، ولا لمن عند عن طاعة خالقها ، وإنما جعلها الله للصالحين ولعباده المتقين ، يأمرون فيها بأمره ، وينهون فيها عن نهيه ، ويقيمون أحكامه فيها ، منفذون لأمره عليها ، فللطاعة والمطيعين خلقها رب العالمين ، ثم أمرهم ونهاهم ، وبصرهم غيهم وهداهم ، وجعل لهم الاستطاعة إلى طاعة مولاهم ، (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ).
وأما معنى الآية وقول الله : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا) ، فتبكيت منه سبحانه لأهل النار ، وتوقيف على تفريطهم في طاعة ربهم ، ومعنى : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ) ، أي تركتم ومحقتم وعطلتم ما جعل الله لكم بالطاعة من النعيم المقيم والخلد مع المتقين في الثواب الكريم بارتكابكم للمعاصي ، وترككم للطاعة ؛ حتى خرجتم مما جعل الله للمطيعين ، وصرتم إلى حكم الفسقة الكافرين في عذاب مهين ، فهذا معنى : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ).
تمّ والحمد لله حمدا كثيرا
وصلواته على محمد وآله الذين طهرهم من الرجس تطهيرا