سريره ، ولكن استوى على العرش ، والعرش فهو الملك ، واستواؤه ملكه وقهره ، بلا ند يشاوره ، ولا ضد ينافره ، ولا معين يوازره ، وهو كما قال الملك في كتابه ، بلا كيف ولا تمثيل ولا تحديد. وأنه شيء لا كالأشياء ، ولا شيء يعدله سبحانه وبحمده. وأنه ليس بجسم ولا جسد ، ولا فيه صفة من صفات الأجساد ، ونعتها وهيئتها ، من تأليفها واتصالها ، واجتماعها ، وافتراقها ، وكينونة بعضها على بعض ، على المجامعة ، والمفارقة ، والمباشرة ، والدخول ، والخروج ، والقرب في المسافة ، والبعد في العزلة والغيبة وطول السفر. وأنه لا يحتجب بشيء من خلقه ، ولا يستتر به ، ولا يبدو له فيدركه (٤٦). وأن الفكر لا تبلغه ، وأن العقول لا تقدره ، والأوهام لا تناله ، والضمائر لا تمثله ، والأبصار لا تدركه ، وأن العيون لا تراه في (٤٧) الدنيا ولا في الآخرة ، وأن من زعم أن الأبصار تدركه وأن العيون تراه مجاهرة فقد قال قولا عظيما ، وأن من زعم أن العيون تكيفه ، أو قال يرى في القيامة بشيء مما عليه العباد ، فيرونه بذلك الشيء ، أو يدركونه وسمّى ذلك الشيء ، حاش لله ، فقد قال إفكا وزورا ، لأن كل من وقعت عليه الرؤية فمحدث ، وما مسته الأيدي أو سمعته الأذان أو أدركه الذوق أو الشم فمحدث ، وكذلك كلما خلقه الله أو يخلقه فلا يدرك به إلا ما كان محدثا ، وكذلك ما في قدرته أن يخلقه مما (٤٨) ليس بحكمه أن يكون ، فلو خلقه أو صنعه لم يدرك به إلا ما كان محدثا (٤٩) ، والله فهو القديم الدائم ، فلا عين تراه ، ولا يدرك بأداة ، إنما يعرف بخلقه ، ويستدل عليه بآياته ، وتدبيره في سمائه وأرضه ، من صغير الخلق وكبيره ، وقليله وكثيره ، فذلك سبيل العلم به ، والوصول إلى معرفته ، وتحقيق ربوبيته ، وتصحيح الإيمان به أنه خالق هذا الخلق ومدبره ، وصانعه ومقدره ، وربه وإلهه ومالكه ، لا
__________________
(٤٦) أي ولا يبدو له الشيء فيدركه بعد أن كان غافلا عنه.
(٤٧) في (ب) : لا في.
(٤٨) في (ب) : مما ليس في حكمه أن يكونه.
(٤٩) في هذا إشارة إلى إنكار قول من يقول إن الله يرى بحاسة سادسة ، أو أنه يخلق بصرا غير هذا البصر يمكن به رؤية الله ، فهذا إنكار من الإمام عليهالسلام لقول هؤلاء.