ولكنّه لا يكون حراما واقعا ، لقيام الأمارة على الخلاف بل يكون فيه شأنيّة الحرمة واقتضاؤها. فلازمه التصويب برأي الأشعري ، المستحيل وأنّ الواقع خال عن الحكم.
وإن كان المراد منه أنّ الواقع محكوم بالحرمة طبعا ، وبقيام الأمارة على الخلاف يزول ذلك الحكم الثابت له في طبعه ويصير مباحا فعليّا ـ نظير جواز الصلاة في أجزاء ما يؤكل لحمه ، وعدم جوازها في أجزاء ما لا يؤكل لحمه ، فإنّ ما يحلّ أكله في طبعه تجوز الصلاة في أجزائه وإن كان حراما له لعارض ، مثل كونه في نهار رمضان ، أو إن نذر أن لا يأكل أو غير ذلك ، وهكذا ما لا يحلّ أكله في طبعه لا تجوز الصلاة في أجزائه وإن كان حلالا أكله لعارض من ضرورة أو مرض ـ فلازمه التصويب برأي المعتزلي ، المجمع على بطلانه ، وأنّ الواقع خال عن الحكم بقاء.
وإن كان المراد منه أنّ الواقع محكوم بالحكم الواقعي مع قطع النّظر عن الخصوصيّات وصرف الملاحظة عن قيام الأمارة على الخلاف وعدمه : فحينئذ تارة يراد به تعلّق الحكم الواقعي بالفعل غير مقيّد بعدم قيام الأمارة على الخلاف ورفض القيود وإلغائها في مقام الثبوت ، فإن كان هو المراد ، فهو عين الإطلاق ، ولازمه ثبوت الحكم الواقعي لمن قام عنده الأمارة على الخلاف أيضا ، فالفعل حرام واقعا وجائز ومباح بمقتضى دليل الأمارة فعاد الإشكال.
وأخرى يراد به عدم كون الحكم الواقعي مطلقا من حيث قيام الأمارة على الخلاف ولا مقيّدا ، أو أنّه مهمل بالقياس إليه لا مطلق ولا مقيّد ، وحينئذ يرد عليه ما ذكرنا في الواجب المشروط من أنّ الإهمال في الواقعيّات غير معقول بالنسبة إلى الآمر الملتفت إلى الانقسامات اللاحقة إلى متعلّق أمره ، ولا معنى لجعل الحكم على موضوع مهمل من حيث الإطلاق والتقييد.