الوضع من قوله.
والحاصل : أنّ ما يمكن أن يحتاج إلى إعمال الرّأي والاجتهاد في بعض الموارد ـ وهو تعيين المعنى الموضوع له وتمييز المعنى الحقيقي عن غيره ـ فكون اللغوي من أهل الخبرة فيه ، ممنوع وإن كان بلحاظه يصح إطلاق أهل الخبرة عليه إلّا أنّ اللغوي ليس أهلا لذلك ، بل حاله كحالنا.
وأمّا ما لا يحتاج إلى إعمال الرّأي والاجتهاد ـ وهو تشخيص موارد الاستعمالات ـ فاللغوي وإن كان من أهل الاطّلاع عليه إلّا أنّ إطلاق أهل الخبرة عليه في غير محلّه ، فحينئذ يدخل في باب الشهادة ، ويعتبر فيه ما يعتبر فيها من العدالة والتعدّد إن قلنا به ، كما ذهب إليه الأكثر ، لرواية مسعدة بن صدقة : «والأشياء كلّها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البيّنة» (١).
الثاني من الوجوه التي استدلّ بها على حجّيّة قول اللغوي : دعوى الاتّفاق عن بعض على العمل بقولهم (٢).
وفيه : أنّ حصول الاتّفاق من الكلّ ممنوع ، كيف ولم يتعرّض لذلك كثير منهم!؟ مع أنّ عملهم بقولهم لعلّه لأجل حصول الوثوق والاطمئنان لهم من قولهم بالمعاني ، فكونه حجّة في حقّ من لا يحصل له ذلك ممنوع.
مضافا إلى أنّ هذا الإجماع ـ على تقدير تسليمه ـ غير مفيد ، لأنّه محتمل المدرك ، إذ لعلّ عمل المجمعين لأجل الدليل السابق أو اللاحق أو غيرهما ، فلا يكون حجّة.
وبالجملة : المحصّل من الإجماع ـ على تقدير ثبوته ـ غير مفيد ،
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣١٣ ـ ٣١٤ ـ ٤٠ ، التهذيب ٧ : ٢٢٦ ـ ٩٨٩ ، الوسائل ١٧ : ٨٩ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤.
(٢) كما في فرائد الأصول : ٤٦.