تبليغ أحكامه إلى العباد ، لتكمل نفوسهم ، فمتى اجتمعوا على الخطأ يجب عليه تعالى أن يبلغ حكمه إليهم ويلقي الخلاف بينهم بنحو من الأنحاء بوسيلة الخلفاء أو الأوصياء وغيرهم حتى لا يقعوا في مخالفة الواقع ، فوجب انحطاطهم عن رتبتهم وعدم وصولهم إلى تلك المرتبة ، وعلى هذا فمتى اجتمعوا على أمر ولم يكن خلاف بينهم يستكشف من ذلك أنّ الحكم عند المعصوم عليهالسلام على طبق ما اجتمعوا عليه ، إذ لو كان على خلافه ، يجب عليه تعالى إعلامه وتبليغه ، وحيث لم يوصل يحكم بأنّ التكليف على طبق ما اجتمعوا عليه.
ولا يخفى ما فيه :
أمّا أوّلا : فلأنّ قاعدة اللطف ـ على تقدير تسليمها ـ لا تقتضي إلّا تبليغ الأحكام على النحو المتعارف لا على خلافه ، والمفروض أنّه تعالى قد بلّغ أحكامه إلى عباده بالطريق المتعارف ، فأوحى إلى نبيّه صلىاللهعليهوآله ثم أمره بتبليغها إلى العباد وإلى أوصيائه حتى يبلّغوها إليهم ، فما هو وظيفته تعالى قد أدّاه ، وإنّما عرض الاختفاء لبعض الأمور الخارجية التي لا ربط لها به تعالى ، كإخفاء الظالمين ، وحينئذ لا دليل على وجوب تبليغه ثانيا بطريق آخر غير متعارف وإلقائه الخلاف بينهم مع أنّه لو وجب ذلك لا يفرّق بين جميع العلماء وعلماء بلد واحد ، فيجب إلقاء الخلاف بينهم إذا اجتمعوا على خلاف الواقع ، بل يجب ذلك فيما إذا انحصر في عصر عالم واحد وكان اجتهاده على خلاف الواقع ، وهذا ممّا لم يتوهّمه أحد.
وأمّا ثانيا : فلأنّه إن كان المراد أنّه يجب على الإمام عليهالسلام تبليغ الأحكام وإلقاء الخلاف مع إظهار إمامته وبعنوان كونه إماما ، فليس كذلك قطعا.
وإن كان المراد أنّه يجب عليه ذلك حتى مع إخفاء الإمامة ، فهذا ممّا