لا فائدة فيه ، ولا تترتّب عليه ثمرة ، إذ لا يسمع أحد من الشخص المجهول الحال حكما أبدا ، فقاعدة اللطف ـ على تقدير تسليمها ـ ممّا لا يفيد لإثبات الملازمة العقلية.
نعم ، إن صحّ ما أسنده العامّة إلى النبي صلىاللهعليهوآله من أنّه «لا تجتمع أمّتي على خطأ» (١) لكان اتّفاق الأمّة موجبا لحصول القطع بالحكم الواقعي ، إذ لو كان الاجتماع على خلاف الواقع ، لوجب إلقاء الخلاف فيهم حتى لا يجتمعوا على الخطأ ، ولكن صحّة ذلك ممنوعة.
وإمّا أنّ مبنى دعوى الملازمة العقليّة من جهة أنّ تراكم الظنون الحاصلة من تلك الفتاوى يوجب وصولها إلى حدّ يوجب القطع بالحكم حيث إنّ كلّ فتوى يوجب حصول مقدار من الظنّ ، فإذا انضمّ بعضها إلى بعض ، يوجب تقوية الظنّ وضعف احتمال الخلاف ، وهكذا إلى مرتبة لا يبقى معها احتمال الخلاف أصلا ، كما هو الحال في خبر الواحد والمتواتر ، إذ من اجتماع تلك الأخبار يحصل اليقين بالمخبر به إذا وصلت إلى حدّ التواتر.
ولكن لا يخفى أنّ تراكم الظنون إنّما يوجب حصول القطع في مثل التواتر الّذي يكون المخبر به فيه أمرا حسّيّا ، ومتى ما تراكمت الظنون في الأمر الحسّيّ يوجب شدّتها إلى أن تصل إلى حدّ القطع ، وذلك لأنّ احتمال مخالفة خبرهم للواقع مع أنّ المخبر به أمر حسّيّ غير معقول عادة ، لأنّ منشأ هذا الاحتمال إمّا الخطأ أو احتمال التعمّد في الكذب ونحوهما ، وكلّها مستحيل عادة ، ولذلك ترى حصول القطع من الإخبار بالهلال فيما إذا كثرت الأخبار عن الرؤية بحيث يستحيل تواطؤهم على الكذب ، وأمّا في مثل الفتاوى المبنيّة على
__________________
(١) كشف الخفاء ٢ : ٤٧٠ ـ ٢٩٩٩ ، وفيه بدل «خطأ» : «ضلالة».