الشهرة لا يكون من إصابة القوم بجهالة في شيء ، فتكون حجّة ـ كذلك الشهرة الفتوائيّة توجب خروج الأخذ بتلك الفتوى عن إصابة القوم بالجهالة ، فتكون موجبة لحجّيّة تلك الفتوى وعدم وجوب التبيّن فيها.
وفيه : أنّ معنى التمسّك بعموم التعليل إنّما هو إسراء الحكم إلى كلّ موضوع ثبتت فيه تلك العلّة وإن كان مخالفا لموضوع الحكم ، ومعنى تخصيص الحكم بمورد التعليل إنّما هو تضيّق الحكم بموارد ثبوت العلّة وإن كان نفس الموضوع يشمل غيرها أيضا.
وكيف كان فلا بدّ في موارد تعميم الحكم أو تخصيصه من ثبوت العلّة حتى يترتّب عليها ذلك الحكم ، وليس معنى العمل بعموم التعليل هو إثبات نقيض الحكم في موارد عدم العلّة ، بل يمكن أن يكون لذلك الحكم علّة أخرى ، فلو قال : «لا تأكل الرمّان ، لأنّه حامض» يكون مقتضى عموم التعليل هو المنع عن أكل كلّ حامض ، ومعنى تخصيص الحكم بموارد ثبوت العلّة أن يكون المحرّم خصوص الرمّان الحامض ، فلا يشمل الحلو منه ، فعلى أيّ حال ليس معنى عموم التعليل هو عدم ثبوت الحرمة في غير الحامض ، لعدم دلالة هذه القضيّة على الانحصار ، لإمكان أن تكون الحرمة في غير الحامض مستندة إلى علّة أخرى ، فحينئذ القدر المستفاد من عموم التعليل في الآية إنّما هو وجوب التبيّن وعدم جواز الأخذ قبله في كلّ ما يكون إصابة قوم بجهالة ، خبرا كان أو شهرة أو غيرهما ، ولا يستفاد منه عدم وجوب التبيّن ووجوب الأخذ بكلّ ما لا تكون فيه إصابة القوم بجهالة.
هذا ، مضافا إلى أنّه لا وجه لقياس الشهرة الفتوائيّة بالشهرة الاستناديّة ، إذ الشهرة الاستناديّة بنفسها تبيّن وتحقيق في مورد الخبر الضعيف ، وهذا بخلاف الشهرة الفتوائيّة ، فإنّها ليست تبيّنا في موارد الفتوى ، فإذا كان هناك خبر ضعيف