الظهور ، لأنّ السيرة العقلائية جرت على العمل بالأوّل ، وليس العمل بقوله عملا بما لا ينبغي وإصابة القوم بجهالة ، وهذا بخلاف العمل بخبر الفاسق ، إذ العقلاء لا يعملون بخبر فاسق إلّا بعد التبيّن ، فيدخل في إصابة القوم بجهالة وسفاهة.
لا يقال : كيف عمل الصحابة بخبر الوليد مع فسقه حيث تهيّئوا لحربهم؟ ولا يمكن الالتزام بسفاهة جميعهم ، بل كان فيهم عقلاء ، فيعلم أنّ الجهالة ليست بمعنى السفاهة.
فإنّه يقال : العمل بقول الفاسق يكون من السفاهة إذا كان مع العلم بفسقه ، وأمّا مع الجهل به واعتقاد عدالته أو ثقته فليس من السفاهة ، وعمل الصحابة وترتيبهم الآثار كان من هذا القبيل ، ولهذا نبّه في الآية على خطئهم في معتقدهم ، وأنّه فاسق بتطبيق تلك الكبرى الكلّيّة عليه.
ولو تنزّلنا عن ذلك ، وقلنا بأنّ المراد من الجهالة هو عدم العلم ، فقد أجاب شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ عن ذلك بوجهين :
الأوّل : ما يشمل المقام وغيره ، بل في المقام أولى ، لأنّ العموم فيه مستفاد من الإطلاق ، وهو ما ذكره في بحث العامّ والخاصّ في تعارض العامّ مع المفهوم بأن كان المفهوم أخصّ من العامّ مطلقا ، كما في مفهوم الآية مع عموم التعليل ، فإنّ المفهوم يدلّ على وجوب العمل بقول العادل ، والتعليل يدلّ على حرمة العمل بغير العلم.
والوجه الثاني : ما ذكره في خصوص المقام.
أمّا الوجه الأوّل : فملخّصه : أنّه إذا دار الأمر بين تخصيص العامّ بالمفهوم والأخذ بالعموم وإلغاء الشرطيّة عن المفهوم ، فلا بدّ من تخصيص العامّ ، ولا يمكن أن يكون العامّ مانعا عن انعقاد الظهور للجملة الشرطيّة في