وهكذا الحال في البيّنة ، على البيّنة ، فإنّ البيّنة القائمة على قيام بيّنة على نجاسة الثوب مثلا متبعة قطعا بمقتضى أدلّة حجّيّة البيّنة وإلّا لانسدّ باب السجلّات رأسا ، فإنّ البيّنة الأولى ربما تموت شهودها ، فلا طريق إلى إثبات أنّهم شهدوا بذلك إلّا بيّنة أخرى مع جريان الإشكال فيها بعينه.
وبالحلّ ثانيا ، وهو أنّ الحكم الثابت لمتعدّد لو كان حكما واحدا بأن كان الحكم الثابت لهذا لا فرد بعينه هو الحكم الثابت لفرد آخر كما في الحكم الثابت على عامّ مجموعي ، لكان للإشكالين مجال ، وأمّا إذا كان منحلّا إلى أحكام عديدة حسب تعدّد أفراد موضوعه وإن كان إنشاؤه واحدا كما هو الشأن في القضايا الحقيقيّة ، فلا مجال للإشكالين أصلا ، وفي المقام الحكم بوجوب تصديق العادل ينحلّ إلى أحكام متعدّدة ، فلكلّ واحد من أخبار العدول حكم يخصّه ، فيكون في الأخبار مع الواسطة أحكام عديدة حسب تعدّد الوسائط ، فلو أخبر الشيخ عن المفيد ، فليس وجوب التصديق المترتّب على خبر الشيخ بعينه مترتّبا على خبر المفيد ـ حتى يقال : كيف يمكن مع أنّ مقتضى كونه حكما لخبر المفيد تأخّره عنه ، ومقتضى كونه علّة لثبوت خبره تقدّمه عليه ، وهو ليس إلّا تقدّم المتأخّر وتقدّم المعلول على علّته!؟ ـ بل وجوب التصديق المترتّب على حكم الشيخ حكم ، ووجوب التصديق المترتّب على خبر المفيد حكم آخر ، فلا إشكال ، ولا يلزم تقدّم المعلول ـ الّذي هو خبر المفيد ، الثابت بوجوب التصديق ـ على علّته ، إذ هو متقدّم على وجوب تصديق آخر غير ما هو علّة له.
وهكذا ليس الأثر لخبر المفيد ـ قدسسره ـ بعينه هو وجوب تصديق الشيخ ـ قدسسره ـ حتى يقال بأنّه ليس لإخبار الشيخ ـ مع قطع النّظر عن التعبّد به ـ أثر ، لأنّ المخبر به ليس حكما شرعيّا ولا موضوعا له ، بل لخبر المفيد رحمهالله أثر