إنذار أم لم يكن ، فأخذ عنوان الإنذار في الموضوع بعد ذلك لغو لا معنى له.
وهذا نظير ما ذكرنا في الجمع بين رواية إسماعيل بن بزيع ـ وهي «إنّ ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلّا إذا تغيّر طعمه أو ريحه فينزح حتى يطيب الطعم وتذهب الريح ، لأنّ لها مادّة» (١) ـ الدالّة على عدم انفعال كلّ ماء ذي مادّة بمقتضى التعليل المذكور في ذيلها ، وبين مفهوم قوله عليهالسلام : «إذا بلغ الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء» (٢) فإنّ مفهومه أنّ الماء القليل غير البالغ حدّ الكرّ ينفعل ، سواء كان ذا مادّة أو لم يكن كذلك ، وبينهما عموم من وجه ، ومادّة التعارض هو الماء القليل الّذي له مادّة من تقديم رواية ابن بزيع والحكم بعدم انفعال القليل الّذي له مادّة من جهة أنّ تقييد ما له مادّة بكونه كرّا موجب لإلغاء عنوان ما له مادّة ، فإنّ الكرّيّة عنوان مستقلّ لعدم الانفعال ، فما فائدة أخذ ذي المادّة في الموضوع؟ وهذا بخلاف العكس ، فإنّ تقييد موضوع الانفعال ـ وهو الماء القليل ـ بأن لا يكون له مادّة لا يوجب ذلك ، وعنوان الموضوع ـ وهو القلّة ـ بعد محفوظ لم يرفع اليد عنه.
وهكذا الكلام في قوله عليهالسلام : «اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه» (٣) الشامل للطير وغيره ، وقوله عليهالسلام : «كلّ حيوان يطير فلا بأس ببوله وخرئه» (٤)
__________________
(١) الاستبصار ١ : ٣٣ ـ ٨٧ ، الوسائل ١ : ١٤١ ، الباب ٣ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١٢.
(٢) الكافي ٣ : ٢ ـ ٢ ، التهذيب ، ١ : ٣٩ ـ ٤٠ ـ ١٠٧ و ٢٢٦ ـ ٦٥١ ، الاستبصار ١ : ٦ ـ ١ و ٢٠ ـ ٤٥ ، الوسائل ١ : ١٥٨ ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١.
(٣) الكافي ٣ : ٥٧ ـ ٣ ، التهذيب ١ : ٢٦٤ ـ ٧٧٠ ، الوسائل ٣ ، ٤٠٥ ، الباب ٨ من أبواب النجاسات ، الحديث ٢.
(٤) الكافي ٣ : ٥٨ ـ ٩ ، التهذيب ١ : ٢٦٦ ـ ٧٧٩ ، الوسائل ٣ : ٤١٢ ، الباب ١٠ من أبواب النجاسات ، الحديث ١.