فإنّ تقييد ما يطير بكونه مأكول اللحم موجب لرفع اليد عن عنوان الطيران المأخوذ في موضوع الرواية الثانية ، ولا يكون العكس كذلك ، كما هو واضح.
وبالجملة ، هذا التقييد لغو لا تترتّب عليه فائدة أصلا.
مضافا إلى أنّه تقييد بمورد نادر ، فإنّ طبع الخبر ممّا يحتمل الصدق والكذب ، فغالبا لا يحصل العلم من إنذار المنذر ، ونادرا في بعض الموارد بسبب الأمور الخارجيّة غير المرتبطة بالخبر بما هو خبر يحصل العلم ، فتقييده (١) بالعلم لو لم يكن لغوا من الجهة المذكورة يكون لغوا من هذه الجهة.
ومنها : أنّ الإنذار بمعنى التخويف ، ولا تخويف في خبر الراوي بما هو راو وناقل لألفاظ الرواية التي سمعها من الإمام عليهالسلام أصلا ، فهو لا يصدق عليه المنذر حتى يجب الحذر عند إنذاره.
نعم ، الواعظ الّذي يخوّف الناس بضروريّات الأحكام ، والفقيه الّذي ينذر الناس بما فهمه من الأحكام يمكن الاستدلال بالآية على وجوب الحذر عند إنذارهما.
والجواب : أنّه إن كان المراد بالإنذار هو الإنذار الابتدائي ، فالآية لا تكون شاملة للفقيه أيضا ، فإنّ الفقيه يفتي بأنّ السورة ـ مثلا ـ جزء للصلاة فيجب إتيانها فيها ، وبعد إفتائه بذلك يعلم المقلّد بأنّه يعاقب على ترك السورة ، فالفقيه لا ينذر ابتداء ، بل ينذر بالإفتاء وببيان الأحكام التي فهمها من مداركها لا ابتداء وبلا واسطة ، ولا يمكن عدم شمول الآية له ، فإنّه موردها.
وإن كان المراد منه أعمّ من الابتدائي والضمني ، فالراوي أيضا بنقل الرواية التي دلّت على وجوب شيء أو حرمة شيء يخوّف الناس وينذرهم ،
__________________
(١) أي تقييد وجوب الحذر.