فلم لا تشمله الآية؟
ومنها : أنّ الآية تدلّ على وجوب التحذّر عند إنذار المنذر المتفقّه بما تفقّه ، فلا بدّ من العلم بكون الإنذار إنذارا بما تفقّه ، ومن المعلوم أنّه لا يحصل العلم بذلك بمجرد إنذار المنذر ، فالشبهة مصداقيّة.
والجواب : أنّ هذا الإشكال راجع إلى الإشكال الأوّل من لزوم تقييد وجوب الحذر بما إذا حصل العلم بالمحذور ، وقد عرفت جوابه ، فالآية بإطلاقها تدلّ على وجوب الحذر وقبول الخبر مع عدم إفادته للعلم ، كما هو مقتضى مقابلة الجمع بالجمع ، وعلى أنّ المنذرين هم النافرون ، كما استشهد به الإمام (١) عليهالسلام ، لا المتخلّفون ، كما في بعض التفاسير (٢).
ومنها : أنّ الآية لا تدلّ على وجوب قبول خبر الراوي بما هو راو ، بل تدلّ على وجوب قبول خبر الفقيه بقرينة (لِيَتَفَقَّهُوا).
وتوهّم : أنّ مثل زرارة ومحمّد بن مسلم وغيرهما ممّن كانوا من فقهاء الرّواة لا ريب في وجوب قبول خبرهم ، وإذا ثبتت حجّيّة قولهم تثبت حجّيّة خبر غيرهم بعدم الفصل ، فاسد ، فإنّ حجّيّة قول زرارة ومحمد بن مسلم وأمثالهما إن كانت بما هم فقهاء لا بما هم رواة ، فليس هناك عدم القول بالفصل حتى يتمّ به الاستدلال ، وإن كانت بما هم رواة لا بما هم فقهاء ، فلا قائل بالفصل ، إلّا أنّه أوّل الكلام.
والّذي يرفع الإشكال أنّ الفقه ليس المراد منه معناه الاصطلاحي ـ وهو الاستنباط والاجتهاد الّذي هو أشدّ من طول الجهاد ، لكثرة الروايات المتعارضة الواردة في باب العبادات وقلّة ما ورد في باب المعاملات وزيادة الاختلاف بين
__________________
(١) الكافي ١ : ٣١ ـ ٦ ، تفسير العياشي ٢ : ١١٨ ـ ١٦٢.
(٢) التبيان ٥ : ٣٢١ ، الكشّاف ٢ : ٢٢١ ، مجمع البيان ٥ : ١٢٦.