كذلك ، فإنّها متوقّفة على عدم مردوعيّتها ، وهو يتوقّف على مخصّصيتها لها.
وأجاب : بأنّه يكفي في تخصيص السيرة للآيات عدم ثبوت الردع لا عدم الردع واقعا (١).
وفيه أوّلا : عدم كفاية عدم ثبوت الردع في حجّيّة السيرة ، ضرورة أنّ عدم الثبوت لا يثبت رضى الشارع عليهالسلام وإمضاءه لها ، ومن البيّن أنّ السيرة لا تتّصف بالحجّيّة إلّا إذا أمضاها الشارع ، فإنّا لسنا عبيد العقلاء ، حتى يكون عملهم حجّة لنا بدون إمضاء الشارع لها ، فإذا لم يثبت إمضاؤه المستكشف من عدم ردعه عنها فلم تثبت حجّيتها ، فلا بدّ من إحراز عدم الردع لإثبات الإمضاء ولو من طريق «عدم الدليل دليل العدم» ولا يكفى عدم ثبوت الردع في ذلك.
وثانيا : أنّ عدم ثبوت التخصيص كاف في رادعيّة الآيات عن السيرة ، بداهة أنّ دليل العامّ حيث انعقد له ظهور (١) في العموم يجب اتّباع هذا الظهور والعمل بالعموم ما لم تثبت حجّة أقوى على خلافه ، فحجّيّة العامّ في العموم لا تتوقّف على عدم التخصيص واقعا أو إحرازه ، بخلاف ، حجّيّة السيرة ، فإنّها تتوقّف على إحراز عدم الردع عنها ولو من باب أنّه لو كان لبان ، فالأمر على عكس ما أفاده قدسسره.
الثاني : أنّا نستصحب عدم الردع المتيقّن قبل نزول الآيات إلى زمان نزولها ، ونحكم بحجّيّة السيرة ونخصّص بها الآيات (٢).
__________________
(١) كفاية الأصول : ٣٤٨ ـ ٣٤٩.
(٢) أقول : وجود السيرة العقلائية في زمان نزول الآيات مانع عن تحقّق الظهور للآيات في العموم ، فلا ينعقد لها ظهور ، فإنّ السيرة كالمخصّص المتّصل اللفظي ، فالحقّ أنّ الآيات غير رادعة ، وأنّ السيرة مخصّصة لها. (م).
(٣) كفاية الأصول : ٣٤٩ ، الهامش (١).