الأولى : العلم الإجمالي بوجود تكاليف كثيرة إلزامية.
الثانية : أنّه قد انسدّ علينا باب العلم والعلمي إلى معظمها.
الثالثة : أنّه لا يجوز لنا إهمالها وعدم التعرّض لامتثالها أصلا.
ولا يخفى أنّ هذه المقدّمة عين المقدّمة الأولى وعبارة أخرى عنها ، فلا بدّ من حذف إحداهما.
الرابعة : أنّه لا يجوز لنا الرجوع إلى البراءة ، لاستلزامه الخروج من الدين ، ولا إلى القرعة والاستخارة ، لعدم كونهما طريقين شرعا إلى الأحكام ، والاحتياط إمّا يوجب العسر والحرج المنفيّين في الشريعة ، فلا يجب ، أو اختلال النظام ، فلا يجوز.
الخامسة : أنّ ترجيح المرجوح على الراجح قبيح.
فحينئذ يكشف العقل عن أنّ الشارع جعل لنا طريقا إلى الأحكام ، وهو الظنّ إنّ قلنا بعدم جواز الاحتياط ، وأنّ الشارع لا يرضى بالامتثال الإجمالي بالإتيان بمحتملات تكاليفه. أو يدرك عدم صحّة العقاب لو رفعنا اليد عن الاحتياط بمقدار لزومه العسر والحرج إن قلنا بعدم وجوبه.
فظهر أنّ النتيجة في فرض تماميّة جميع المقدّمات إمّا الكشف أو التبعيض في الاحتياط ، ولا سبيل إلى الحكومة أصلا.
وتوضيح ذلك : أنّ العقاب بلا بيان قبيح من العقلاء محال من الشارع الحكيم ، والبيان إمّا تكويني ، كالقطع ، أو جعليّ ، كالبيّنة ، ومن الواضح أنّ الظنّ لا مبيّنيّة ، ولا كاشفيّة له ذاتا أصلا ، ويستحيل أن يتّصف بالمبيّنية والكاشفيّة بحكم العقل ، ضرورة أنّ العقل ليس شأنه إلّا إدراك الأمور الواقعية وأنّ التكليف وأصل إلى المكلّف بنفسه أو بطريقه الّذي جعله الشارع طريقا حتى يكون العقاب على مخالفته عقابا مع البيان ، أو ليس بواصل لا بنفسه ولا بطريقه حتى