مجموع ما أدّى إليه الظنّ الخبري المذكور ، والاحتياط بمقدار المعلوم بالإجمال ، وإلّا نتنزّل عن هذا القسم من الظنّ إلى الأدنى منه وهكذا إلى أن ينحلّ العلم الإجمالي ، فعلى الكشف لا بدّ من الأخذ بالمتيقّن فالمتيقّن ، والتنزّل عن الأعلى إلى الأسفل.
وإن قلنا بجواز الاحتياط وعدم وجوبه ، للزوم العسر والحرج ، فالعقل يحكم ـ والتعبير بالحكم مسامحة ، لما عرفت من أنّ العقل لا يحكم بشيء وإنّما شأنه الإدراك ، فمعنى حكمه أنّه يدرك صحّة العقاب على مخالفة هذا المقدار من التكاليف ، الّذي لا يكون الاحتياط فيه حرجيّا ـ بوجوب الاحتياط بمقدار لا يكون حرجيّا ، لا أنّه يحكم بحجّيّة الظنّ ، وحينئذ نسقط من الأطراف الموهومات ، ونرى بعد ذلك أنّ الاحتياط في جميع المظنونات والمشكوكات حرجيّ أو لا؟ فإن لم يكن حرجيّا ، فلا بدّ من الاحتياط فيهما ، وإن كان حرجيّا أيضا ، فنسقط المشكوكات أيضا ، ونحتاط في خصوص المظنونات ، وهكذا لو كان الاحتياط في جميع المظنونات حرجيّا ، نسقط منها المظنونات بالظنون الضعيفة فالضعيفة حتى يرتفع الحرج عن التكليف بالاحتياط.
فعلى هذا نتنزّل عن الامتثال اليقيني إلى الامتثال الظنّي والعمل بالمظنونات والمشكوكات جميعا ، ثم عن الامتثال الظنّي إلى الامتثال الاحتمالي والعمل بالمظنونات فقط ، ونترقّى فيها ـ لو كان الاحتياط في جميعها حرجيّا ـ من الظنّ الضعيف إلى القويّ حتى يرتفع الحرج ، فأمر المظنونات على التقريرين على التعاكس ، إذ على الكشف نتنزّل عن القويّ إلى الضعيف ، وعلى التبعيض في الاحتياط نترقّى من الضعيف إلى القويّ.
وظهر من جميع ما ذكرنا أمران :