مستدرك على ذلك. هذا فقه الحديث.
أمّا الاستدلال بها للبراءة في محتمل الحرمة : فلا يصحّ من وجوه :
الأوّل : من جهة لفظ «بعينه» (١) فإنّه ظاهر في اختصاص الحكم بالشبهات الموضوعيّة ولا أقلّ من كونه محتملا للقرينيّة على ذلك ، لأنّ معنى العرفان بعينه هو تمييز الشيء بشخصه ، وهذا لا يناسب الشبهة الحكميّة ، فإنّ الشيء لو كان معلوم الحرمة فهو حرام ، وما معنى لكونه حراما بعينه ، ولكن يصحّ أن يقال : إنّ هذا المائع حرام بعينه ، أي دون غيره ، كما يقال : رأيت زيدا بعينه ، أي لا ابنه وغلامه ، وذلك لأنّ الشبهات الموضوعيّة غالبا مقرونة بالعلم الإجمالي حتى البدويّة منها ، غاية الأمر أنّ بعض أطرافها خارجة عن محلّ الابتلاء ، فغالب ما يشكّ في كونه مصداقا للحرام منشأ الشكّ فيه هو كونه مردّدا بين أمور علم بمصداقيّة أحدها للحرام إجمالا ولم يعلم بعينه ، فاعتبر في الرواية العلم التفصيليّ وجعله الغاية للحلّيّة المطلقة.
الثاني : من جهة ذكر «أو تقوم به البيّنة» (٢) في ذيل الرواية ، فإنّه أيضا
__________________
(١) أقول : وجه ظهور «بعينه» في الشبهة الموضوعية هو كون الأصل في القيد احترازيّا لا تأكيديّا ، فقوله : «بعينه» في قبال «لا بعينه» وهو كالمختصّ بالشبهة الموضوعية ، فإنّ تحقّق «لا بعينه» في الحكمية نادر ، ولكن هذا يضرّ فيما إذا أردنا اختصاص الرواية بالشبهة الحكمية ، فإنّ تحقّق «لا بعينه» فيها نادر جدّاً ويلزم حمل اللفظ على الفرد النادر ، لكنّا نقول : إنّ الرواية عامّة شاملة للشبهة الحكمية أيضا ، وفرق بين حمل اللفظ على النادر وشموله له ، فمعنى قوله : «كلّ شيء» هو أعمّ من عنوان كلّي لا يعلم حكمه كلحم الأرنب ومن موضوع جزئي كهذا المائع الّذي لا نعلم انطباق عنوان الخمر عليه.
فتحصّل أنّ القرينة الأولى لا توجب اختصاص الرواية بالشبهة الموضوعية. (م).
(٢) أقول : هذا مبني على كون البيّنة بمعناها الاصطلاحي من تعدّد العدل. ولو سلّم لما كان فيه دلالة على المدّعى.
توضيح ذلك : أنّه لو كان مدلول الرواية مختصّا بالشبهة الموضوعيّة أيضا لما كانت ـ