الحكمي الّذي يعتبر فيه القطع ببقاء الموضوع (١).
والإنصاف أنّ هذا الإيراد متين لا مدفع له.
وهذا مضافا إلى أنّه يرد عليه ثانيا أنّ عنوان الصباوة وإن سلّمنا عدم أخذه في موضوع الحكم بالترخيص حتى يكون من قبيل الواسطة في العروض ، وسلّمنا أنّه من قبيل الواسطة في الثبوت ، كعنوان التغيّر ، فانتفاؤه لا يوجب انتفاء الموضوع ، لكن لا نسلّم جريان الاستصحاب في المقام.
وتوضيحه : أنّ الأحكام بالقياس إلى عللها المختلفة تختلف ، فإنّ العلّة تارة تكون بحيث أصل حدوثها كاف في تحقّق الحكم ، وهذا كما في الظلم ، فإنّ حدوثه في زمان علّة لعدم صلاحية الظالم لنيل منصب الخلافة وإن صار الظالم بعد ذلك رجلا عادلا ورعا تقيّا ، وكما في رمي المحصنات ، فإنّ حدوثا في زمان علّة لعدم قبول الشهادة من الرامي أبدا ، لقوله تعالى : (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً)(٢) وأخرى تكون العلّة بحيث يدور الحكم مدارها وجودا وعدما. فحينئذ لو شككنا في كون العلّة من قبيل الأوّل أو الثاني ، يصحّ استصحاب الحكم ، كما في الماء المعتصم الملاقي للنجس الموجب لتغيّره ، فإنّه لا مانع من استصحاب النجاسة الحاصلة بسبب التغيّر ، فإنّها متيقّنة الحدوث ، وهي بعينها مشكوك فيها ، لاحتمال كون حدوث التغيّر كافيا في تحقّق الحكم ، أمّا لو شككنا في بقاء الحكم لا من هذه الجهة بل لاحتمال وجود سبب آخر للحكم مع القطع بانتفاء سببه الأوّل ، فلا يجري الاستصحاب ، إذ الحكم المتيقّن السابق المسبّب عن سببه الأوّل غير محتمل البقاء ، لانتفاء سببه على الفرض ، وما هو محتمل هو المسبّب عن السبب الثاني ، الّذي هو مشكوك الحدوث ،
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢٠٥.
(٢) النور : ٤.