ولا تقاس هذه الأخبار بمثل : من قتل نفسا متعمّدا فجزاؤه جهنّم خالدا فيها و «من سرق فكذا» و «من زنى فكذا» ممّا بيّن الحكم بلسان التوعيد وبالدلالة الالتزاميّة ، فإنّه وإن كان صحيحا في الجملة إلّا أنّه لا يمكن في المقام ، لما عرفت من أنّ الأمر بالتوقّف معلّل باحتمال الوقوع في العقاب ، وهو منتف في المقام.
لا يقال : إنّ المستفاد من نفس هذه الأخبار أنّ احتمال الوقوع في الهلاك الأخروي موجود في كلّ شبهة ، وذلك من جهة إطلاق لفظ الشبهة ، الوارد في الروايات ، فتكون هذه الروايات في قوّة قولنا : «لا بدّ من التوقّف عند كلّ شبهة ، فإنّ الوقوف عند كلّ شبهة حتى البدويّة منها بعد الفحص خير من الاقتحام في الهلكة المحتملة فيها» وبذلك نستكشف إنّا أنّ الشارع أوجب الاحتياط قبل ذلك وجوبا طريقيّا مولويّا حفظا للتكاليف الواقعيّة ، وإلّا لم يكن احتمال العقاب موجودا ، لعدم البيان من الشارع وقبح العقاب بلا بيان.
فإنّه يقال : إيجاب الاحتياط ، المستكشف إنّا لو كان بأخبار الاحتياط ، فهو خلف الفرض ، فإنّ المفروض التمسّك بأخبار التوقّف ، وإن كان بنفس الأمر بالتوقّف ، فقد عرفت أنّه معلول لاحتمال العقاب ، الّذي لا يوجد في المقام إلّا بإيجاب الاحتياط فكيف يعقل إثبات إيجاب الاحتياط بنفس الأمر بالتوقّف!؟ وإن كان بدليل آخر لم يصل إلينا ، فتجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان في نفس هذا التكليف ، أي إيجاب الاحتياط ، ونحكم بالبراءة عن هذا التكليف.
وبما قرّرنا الإشكال ـ من أنّ إيجاب الاحتياط ، المستكشف إنّا وجوب