«لا تصلّ فيما لا يؤكل» أو «الصلاة في وبره فاسدة» قضيّة حقيقيّة تنحلّ إلى قضايا عديدة حسب تعدّد مصاديق غير المأكول ، وأمّا مطلوبيّة مجموع التروك أو ترك الطبيعة بنحو صرف الوجود فلا يفهم منه أصلا.
والشاهد على ذلك ما هو متسالم عليه بين الفقهاء على الظاهر من أنّ من اضطرّ إلى لبس غير المأكول أو النجس لا بدّ من أن يقتصر على مقدار الضرورة ، ولا تنطبق هذه الفتوى إلّا على الانحلال ، ضرورة أنّ الاضطرار بلبس فرد ما من الطبيعة موجب لسقوط النهي لو كان بنحو صرف الوجود أو العامّ المجموعي ، فلما ذا يجب الاقتصار بمقدار الضرورة بعد سقوط النهي عن اللّبس بواسطة الاضطرار إلى متعلّقه؟ وهذا بخلاف ما لو كان بنحو الانحلال ، إذ كلّ فرد من الأفراد منهي عنه ، فإذا اضطرّ إلى فرد ، يسقط النهي المتعلّق به خاصّة ، وتبقى الأفراد الأخر غير المضطرّ إليها على حالها ، ولا يسقط النهي المتعلّق بها.
وهكذا لا يستفاد من الروايات مطلوبيّة العنوان البسيط المنتزع عن مجموع التروك ، كما لا يخفى.
وبالجملة ، ظاهر الروايات هو مطلوبيّة ترك لبس كلّ فرد من أفراد ما لا يؤكل بنحو العامّ الاستغراقي وإن كانت البراءة تجري في جميع الصور الثلاث المتقدّمة إلّا أنّ واقع المطلب ذلك.
وهل يجري الاستصحاب الموضوعي الحاكم على قاعدة الاشتغال في الصورة الرابعة التي قلنا بأنّ مقتضى القاعدة فيها هو الاشتغال ، أو لا يجري؟
ربّما يقال بالتفصيل بين أن يكون معروض القيد هو الصلاة بأن تكون الصلاة لا بدّ وأن تقع فيما لا يؤكل ، فلا يجري ، إذ الشكّ من أوّل الأمر موجود ، وليس لها حالة سابقة متيقّنة ، بل الصلاة من أوّل وجودها يشكّ في وقوعها فيما لا يؤكل ، وعدم وقوعها.