الأوّل : أنّ كلّ أصل شرعي لا بدّ له من أثر شرعي يترتّب عليه وإلّا يلغو التعبّد به ، ولا أثر في المقام أصلا ، إذ المكلّف غير خال عن الفعل أو الترك.
والثاني : أنّ «رفع ما لا يعلمون» (١) وغيره من أدلّة البراءة موردها ما إذا أمكن للشارع الوضع بإيجاب الاحتياط ، وفي المقام لا يمكن له الوضع ، لعدم إمكان الاحتياط ، فلا يمكن الرفع أيضا.
والحاصل : أنّه كلّما كان وضع التكليف بيد الشارع فرفعه أيضا بيده ، ولا يمكن التكليف في المقام بإيجاب الاحتياط ، فليس رفعه أيضا بيده وتحت اختياره.
والتحقيق أنّ الأثر موجود في المقام ، ووضع التكليف ممكن ، فرفعه أيضا ممكن.
بيانه : أنّ المولى ليست يده مغلولة في المقام ، بل يده مبسوطة يمكنه إلزام المكلّف بالفعل بالخصوص ، كما أنّ له الإلزام بالترك بالخصوص ، ولا مانع منه أصلا.
وبعبارة أخرى : ليس للمولى الإلزام بالفعل والترك معا بأن يقول : «يجب عليك أيّها الشاكّ في وجوب شيء وحرمته الجمع بين الفعل والترك» لامتناع اجتماع النقيضين ، ولكن له أن يقول : «أيّهما المتردّد في وجوب شيء وحرمته يجب عليك الاحتياط بالفعل ، أو يجب عليك الاحتياط بالترك» فإذا أمكن وضع كلّ من الوجوب والحرمة منفردا يمكن له رفعه أيضا ، وللرفع أثر ، وهو الترخيص في الترك في رفع الوجوب ، والترخيص في الفعل في رفع الحرمة ، فالوجوب بنفسه قابل للوضع ، ولرفعه أثر ، وهو الرخصة في الترك ، فتشمله
__________________
(١) التوحيد : ٣٥٣ ـ ٢٤ ، الخصال : ٤١٧ ـ ٩ ، الوسائل ١٥ : ٣٦٩ ، الباب ٥٦ من أبواب جهاد النّفس ، الحديث ١.