أمرين أو أمور يمكن للمكلّف أن يخلو عن جميعها ، ويشتغل بفعل آخر ، كالعتق والإطعام والصيام ، وأمّا في النقيضين أو الضدّين لا ثالث لهما ـ كالأمر بالفعل أو الترك وبالتكلّم أو السكوت ـ فهو غير معقول.
وأمّا الرابع ـ وهو ما أفاده في الكفاية من التخيير العقلي وجريان أصالة الحلّ ـ فيرد عليه أمران :
الأوّل : أنّ روايات الحلّ قد تقدّم أنّها مختصّة بموارد الشبهات الموضوعيّة ، لقرائن موجودة فيها ، كلفظ «فيه» في قوله عليهالسلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام» (١) ولفظ «بعينه» وغير ذلك ، ولا تشمل موارد الشبهات الحكميّة ، فالدليل أخصّ من المدّعى وإن لم نقف على مثال في الفقه للشبهة الحكميّة ومورد يكون أمره دائرا بين محذورين من جهة الشبهة الحكميّة.
الثاني : أنّه على فرض شمول الروايات للشبهات الحكميّة أيضا لا تشمل المقام ، فإنّ لسانها لسان جعل الحكم الظاهري ، والترخيص بين الفعل والترك في ظرف الجهل ، ولا يمكن جعل الترخيص في مورد يقطع بوجود الإلزام الشرعي فيه ، ولا يصحّ أن يقول المولى : «أيّها القاطع بالإلزام والعالم بأنّك غير مرخّص في الفعل أو الترك أنت مرخّص في الفعل أو الترك» فإنّه من التناقض في الكلام.
وبعبارة أخرى : لا بدّ في الحكم الظاهر أن يحتل مصادفته للواقع ، وهو مقطوع العدم في المقام ، للعلم بعدم إباحته واقعا قطعا.
وأمّا الخامس ـ وهو ما أفاده شيخنا الأستاذ من اللاحرجيّة العقليّة من باب لا بدّيّة الفعل أو الترك وتساقط الأصول كلّها ـ فعمدة المدرك فيه وجهان :
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣١٣ ـ ٣٩ ، الفقيه ٣ : ٢١٦ ـ ١٠٠٢ ، التهذيب ٧ : ٢٢٦ ـ ٩٨٨ و ٩ : ٧٩ ـ ٣٣٧ ، الوسائل ١٧ : ٨٧ ـ ٨٨ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ١.