وفيه : أنّ ملاك حكم العقل بتعيين الأهمّ في موارد التزاحم بين التكليفين كالإنقاذ والغصب ، وهو : سقوط إطلاق المهمّ وبقاء الأمر بالأهمّ على إطلاقه ، وهو مفقود في المقام الّذي ليس في البين إلّا تكليف واحد فارد محتمل بين أمرين.
بيان ذلك : أنّ مقتضى إطلاق كلّ من دليلي وجوب الإنقاذ وحرمة الغصب كون المكلّف في ضيق ولو في صورة التزاحم ، وحيث لا يمكنه في مقام الامتثال الجمع بين الامتثالين في صورة التزاحم بأن ينقذ الغريق ويترك الغصب ، فلا يعقل بقاء كلا الإطلاقين ، فإنّ لازمه التكليف بما لا يطاق ، فلا بدّ من سقوط أحدهما ، وبما أنّ سقوط إطلاق دليل حرمة الغصب متيقّن على كلّ حال ، إذ لو لم يكن أحدهما أهمّ من الآخر لسقط كلا الإطلاقين ، لعدم وجود المرجّح في البين ، وعدم إمكان بقائهما على حالهما ، ولا مانع عقلا من بقاء إطلاق دليل وجوب الإنقاذ ، ونشكّ في تقييده بصورة عدم الابتلاء بالمزاحم وعدمه فنتمسّك بالإطلاق ، ونحكم بوجوب الإنقاذ ولو في مورد الابتلاء بالغصب ، وهذا هو الملاك في الحكم بتعيين الأهمّ في التكليفين المتزاحمين ، ومن الواضح أنّه مفقود في التكليف الواحد المردّد بين الوجوب والحرمة ، الّذي لا يمكن للمكلّف العلم بموافقته أو مخالفته.
ودعوى استقلال العقل هنا أيضا بتقديم محتمل الأهمّيّة عهدتها على مدّعيها ، ضرورة أنّه ليس من البديهيّات ، بل من النظريّات العقليّة ، فلا بدّ في إثباته من إقامة الدليل ، ولا يكفي مجرّد الدعوى كما لا يخفى.
فاتّضح عدم تعيين محتمل الأهمّيّة في المقام سواء قلنا بجريان البراءة ، أو قلنا بالتخيير العقلي وعدم جريان البراءة.
وبالجملة ، الوجه الّذي نعتمد عليه في باب التزاحم هو أنّ تفويت