القطعيّة ممكنة بإتيان الصلاة بلا قصد القربة ، إذ لو كانت حائضا ، تحرم عليها الصلاة ، فأتت بها وخالفت ، ولو كانت في الواقع طاهرة ، تجب الصلاة عليها ، فلم تأت بما أمرت بها ، الّذي هو الصلاة مع قصد القربة ، فخالفت أيضا ، وإذا أمكنت المخالفة القطعيّة للمعلوم بالإجمال ، فلا تجري الأصول الجارية باعتبار هذا الأثر ، فإنّه في كلّ علم إجمالي ـ سواء كان له أثران : إمكان الموافقة القطعيّة ، والمخالفة القطعيّة ، أو أثر واحد إمّا الأوّل أو الثاني ـ لا تجري الأصول الجارية باعتبار الأثر المترتّب عليه ، فتجب الموافقة القطعيّة وتحرم المخالفة القطعيّة فيما له أثران ، وأحدهما فيما له أثر واحد ، ففي المقام لا تجوز الصلاة بلا قصد القربة قطعا ، فإنّها مخالفة قطعيّة ، وتجب الموافقة الاحتماليّة إمّا بالصلاة بقصد القربة ، أو تركها بالمرّة.
وليعلم أنّه لا تجوز الصلاة حينئذ بداعي الأمر ، فإنّها تشريع محرّم ، لعدم إحراز الأمر ، بل يجب عليها إمّا إتيان الصلاة رجاء أو تركها بالمرّة.
وبالجملة ، مقتضى العلم الإجمالي بالتكليف : وجوب الموافقة القطعيّة إن أمكنت ، ووجوب الموافقة الاحتمالية إن لم تكن ممكنة ، فإنّ للعلم الإجمالي صورا أربعا :
الأولى : ما إذا أمكنت المخالفة والموافقة القطعيّتين معا ، كدوران أمر الواجب يوم الجمعة بين الظهر والجمعة.
الثانية : ما إذا لم يمكن لا الموافقة القطعيّة ولا المخالفة القطعيّة ، كما في الوطء المردّد بين كونه محلوف الفعل أو الترك.
الثالثة : ما إذا أمكنت الموافقة القطعيّة ولم يمكن المخالفة القطعيّة ، كما إذا حرم الجلوس أوّل طلوع الشمس إمّا في هذا المكان أو ذاك المكان ، فإنّه يمكن الموافقة القطعيّة بترك الجلوس في كلا المكانين ، فإنّهما من الضدّين