لتساقط الأصول بواسطة التعارض ، وأمّا عدم حرمة المخالفة القطعيّة فليس لقصور في ناحية التكليف حتى يلازم عدم وجوب الموافقة ، بل لعدم قدرة المكلّف من جهة عدم تميّز المكلّف به.
والحاصل : أنّه يجب الاجتناب في الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي ، سواء كثرت الأطراف أو قلّت ، لعدم وجود المؤمّن ، واحتمال التكليف ـ الّذي هو مساوق لاحتمال العقاب ولو كان موهوما بمرتبة من الوهم لا تتصوّر تحتها مرتبة ـ ما لم يكن مقرونا بالمؤمّن منجّز.
نعم ، كثرة الأطراف تلازم غالبا ما يوجب سقوط العلم عن التنجيز من الخروج عن محلّ الابتلاء أو العسر أو الحرج.
ودعوى الإجماع على عدم لزوم الاجتناب في الشبهة غير المحصورة من السقوط بمكان ، فإنّ هذه المسألة من المسائل المستحدثة ، مضافا إلى أنّ الإجماع لو سلّم فهو محتمل المدركيّة ، لاحتمال أن يكون مستند المجمعين أحد الوجوه المذكورة لعدم لزوم الاجتناب.
كما أنّ دعوى أنّ في الحكم بالاجتناب عن جميع أطراف الشبهة غير المحصورة حرجا نوعيّا منفيّا بأدلّة نفي الحرج ، أيضا ساقطة ، فإنّ أدلّة نفي الحرج والعسر ـ كسائر أدلّة الأحكام ـ سيقت بنحو القضايا الحقيقيّة ، فالمستفاد منها أنّ كلّ مكلّف في أيّ زمان إذا كان حكم من الأحكام حرجيّا عليه ، فهو منفيّ عنه ، فلو فرضنا أنّ الوضوء حرجيّ على عامّة المكلّفين ، لبرودة الهواء أو غير ذلك ، ولم يكن حرجيّا بالقياس إلى مكلّف خاصّ ، لحرارة مزاجه مثلا ، لا يمكن الحكم بأنّه يتيمّم ، لمرفوعيّة وجوب الوضوء بأدلّة الحرج ، بل اللازم عليه هو الوضوء ، لعدم تحقّق العنوان ـ المأخوذ في أدلّة نفي الحرج ـ في حقّه ، وهو حرجيّة الوضوء وإن كان متحقّقا في حقّ غيره.