نعم ، لو كان الحرج حكمة للتشريع ـ كما في خيار الشفعة ، الّذي حكمة جعله هو ضرر الشريك نوعا ، أو غسل الجمعة ، أو العدّة ، أو غير ذلك ممّا يكون أمر نوعي حكمة لأصل الجعل والتشريع لا عنوانا مأخوذا في دليله ـ لتمّ ما ذكر ، إلّا أنّه ليس الأمر كذلك. ولتحقيق المطلب محلّ آخر.
وربّما يتمسّك لعدم لزوم الاجتناب في الشبهة غير المحصورة : بقوله عليهالسلام في الرواية الواردة في الجبن : «أمن أجل مكان واحد تجعل فيه الميتة حرم ما في الأرض جميعا؟» (١).
والظاهر أنّ موردها بقرينة قوله عليهالسلام : «حرم ما في الأرض جميعا» ما يكون بعض الأطراف خارجا عن محلّ الابتلاء ، فلا يكون دليلا للمطلوب.
بقي شيء ، وهو : أنّه لو فرضنا أنّ المعلوم بالإجمال مائة وتردّد أمرها بين ألف ـ ويسمّى هذا الفرض في الاصطلاح بشبهة الكثير في الكثير ـ فعلى ما ذكرنا من عدم الفرق بين كثرة الأطراف وقلّتها في تنجيز العلم لا بدّ من الاجتناب عن جميع الأطراف ما لم يقترن بمانع آخر.
وهكذا على ما أفاده الشيخ من سقوط العلم الإجمالي عن التنجيز بواسطة موهوميّة احتمال التكليف في كلّ طرف فيما كثرت أطراف الشبهة ، فإنّ نسبة المائة إلى الألف نسبة الواحد إلى العشرة ، فحكمها حكم الواحد المردّد بين العشرة ، الّذي يحكم الشيخ ـ قدسسره ـ بلزوم الاجتناب عن جميع الأطراف.
وعلى مبنى شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ يلحق بالشبهة غير المحصورة ، فإنّ ضابطها عنده ـ قدسسره ـ عدم إمكان ارتكاب الجميع للمكلّف بحيث يعلم بالمخالفة القطعيّة ، ولا يمكن في المقام المخالفة القطعيّة للمكلّف ، لتوقّفها
__________________
(١) المحاسن : ٤٩٥ ـ ٥٩٧ ، الوسائل ٢٥ : ١١٩ ، الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ، الحديث ٥.