القادر إلى تحصيل مقدماته ـ فلا ينبغي الشكّ في عدم تأثير العلم الإجمالي الّذي كان بعض أطرافه كذلك ، كما إذا كانت الجارية المختصّة بالملك طرفا للعلم الإجمالي بحرمة النّظر بالنسبة إلى من لا يقدر إلى الوصول إليها بوجه من الوجوه.
وأمّا لو كان تحت اختياره بحيث يمكنه الفعل والترك عقلا ولو بتحمّل المشاقّ وتهيئة مقدّمات كثيرة ، فلا وجه لعدم تنجيز العلم الإجمالي بمجرّد كون بعض أطرافه خارجا عن محلّ ابتلائه ، فإنّ كلّ ما كانت فيه مصلحة ملزمة أو مفسدة كذلك من الفعل والترك وكان مقدورا للمكلّف عقلا لا مانع من تعلّق التكليف به.
وما أفاده شيخنا الأستاذ قدسسره ـ من أنّ ترك النّظر إلى الجارية المذكورة حاصل بنفسه ، غير مستند إلى إرادة المكلّف ـ ليس له معنى محصّل بعد فرض كونه مقدورا له عقلا وكان له أن يفعل ، بل الترك مستند إلى عدم إرادته واختياره.
وكيف كان لا وجه لاعتبار القدرة العاديّة في متعلّق التكليف بدعوى أنّ غير المقدور عادة متروك أو حاصل بنفسه ، فلا يحسن توجيه الخطاب إليه ، إذ لو تمّ ذلك لجرى في جميع ما هو متروك أو حاصل بنفسه من الواجبات والمحرّمات التي تكون كذلك ممّا لا يرغب إليه كثير من الناس ، فلا بدّ أن لا يحسن التكليف بحرمة أكل الابن (١) ، ضرورة أنّه متروك بنفسه ولا يرغب إليه كثير من الناس بل كلّهم إلّا أقلّ قليل منهم ، وأن لا يحسن التكليف بحرمة أكل العذرة وسائر ما لا يرغب إليه أحد وأن لا يحسن التكليف بوجوب الإنفاق ـ مع
__________________
(١) كذا ، والتأبين : أن يفصد العرق ويؤخذ دمه فيشوى ويؤكل. لسان العرب ١ : ٥٣ «أبن».