أمّا عدم قيامها مقام القطع المأخوذ على وجه الصفتيّة : فلأنّ القطع كسائر الصفات النفسانيّة من الشجاعة والحلم والغضب وغير ذلك ، ومن المعلوم أنّ أدلّة حجّيّة الأمارات غير ناظرة إلى ذلك ، فإنّ مفادها ليس إلّا جعل الطريقيّة والكاشفيّة التامّة التعبّديّة لغير العالم لا جعل صفة القطع في نفس غير العالم تعبّدا ، كما لا يستفاد منها جعل سائر الصفات تعبّدا قطعا ، مضافا إلى أنّه لم نجد مثالا له في الشريعة ، وما أخذ في موضوع جواز الشهادة هو القطع الطريقي لا الصفتي ، فإنّ قول الإمام عليهالسلام في الرواية الواردة في الباب مشيرا إلى الشمس : «بمثل هذا فاشهد أو دع» (١) أقوى شاهد على ما ذكرنا ، فإنّ ظاهره أنّك إن أحرزت ما تشهد عليه ورأيته كرؤيتك الشمس وإحرازك إيّاها فاشهد ، وإلّا فلا يجوز لك الشهادة ، وهكذا المأخوذ في موضوع وجوب الإعادة هو القطع الطريقي ، كما تشهد به الروايات الواردة في بابه ، فإنّ في بعضها جعل الإحراز واليقين غاية للحكم ، كما في قوله ـ أي : مضمونه ـ : «إذا سهوت أو إذا شككت في الأوّلتين فأعد صلاتك حتى تثبتهما» (٢) وفي رواية أخرى «حتى تستيقن بهما» (٣) فجعل عليهالسلام اليقين والإحراز طريقا إلى الواقع. وهذا واضح لا سترة عليه.
وأمّا قيامها مقام القطع المأخوذ في الموضوع بنحو الطريقيّة : فعمدة ما قيل في وجه المنع ما أفاده في الكفاية من أنّ أدلّة حجّيّتها الدالّة على إلغاء
__________________
(١) شرائع الإسلام ٤ : ١٢١ ، الوسائل ٢٧ : ٣٤٢ ، الباب ٢٠ من أبواب الشهادات ، الحديث ٣.
(٢) التهذيب ٢ : ١٧٧ ـ ٧٠٦ ، الاستبصار ١ : ٣٦٤ ـ ١٣٨٣ ، الوسائل ٨ : ١٩١ ، الباب ١ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ١٥.
(٣) الكافي ٣ : ٣٥١ ـ ٢ ، التهذيب ٢ : ١٧٩ ـ ٧١٥ ، الاستبصار ١ : ٣٦٥ ـ ١٣٩١ ، الوسائل ٨ : ١٨٩ ، الباب ١ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٧.